القائمة الرئيسية

الصفحات

التقييم التغذوي للمسنين:

 

التقييم التغذوي للمسنين:

التقييم التغذوي للمسنين:


هناك كثير من المعضلات التي تفرض نفسها عند تقييم الحالة التغذوية للمسنين، بسبب الاختلافات الفردية المتعلقة بعملية الكبر. فالتقييم التغذوي للمسن يفترض الأخذ في الاعتبار كثير من العوامل، مما يجعل التقييم في حد ذاته عملية متعددة الأبعاد، وينقص معظم القياسات المستعملة في تقييم الحالة التغذوية للمسنين تحديد مدى الفروقات التي تعتبر طبيعية بين فرد وآخر.

القياسات البشرية anthropometric measures:

تتأثر القياسات البشرية بعملية تقدم العمر وبالذات الطول. وللطول أهمية خاصة في هذه القياسات باعتباره ثابتا بعد اكتمال فترة النمو، لذا فإن كثيرا من جوانب القياس البشري "مؤشر كتلة الجسم، ومؤشر الكرياتينين الطولي creatinine height index تحسب بالأخذ في الاعتبار طول الجسم. فطول الجسم ينقص مع تقدم العمر، وقد قدر هذا النقصان في الطول بما بين 1.2 - 4.2 سم لكل 20 سنة، ويعود هذا النقصان إلى تآكل العمود الفقري، والحداب kyphosis وتخلخل العظام.

لذا فإن قياس طول المتقدمين في العمر قد يصبح أمرا صعبا بين أولئك الذين لا يستطيعون الوقوف باعتدال ولتلافي هذه المعضلة اتجه بعض الباحثين إلى تقييم ارتفاع الركبة Knee height كقياس بشري بديل لطول الجسم، باعتبار أن طول عظم الساق لا يتأثر بتقدم العمر. وتدل النتائج الأولية التي نشرها هؤلاء الباحثون علىإمكانية استعمال هذا القياس عند تقييم الحالة التغذوية للمسنين.

يزداد الوزن طبيعيا مع تقدم العمر، حتى سن الأربعين للذكور وسن الخمسين للإناث، ويستقر لفترة 15 إلى 20 سنة ثم يأخذ في النقصان. غير أن هنالك عوامل كثيرة قد تؤثر على هذا المسار الطبيعي للوزن سلبا أو إيجابا، مثل تغيير أسلوب الحياة بعد بلوغ عمر معين، وكذلك الإصابة ببعض الأمراض التي قد تؤثر على وزن الجسم.

وبجانب التغييرات في الوزن والطول عند المسنين، هنالك تغيير آخر مهم وهو التغيير في تكوين الجسم. فمع تقدم العمر يقل حجم العضلات وتزداد نسبة الدهون وتقل نسبة الماء في الجسم. ومن بين القياسات البشرية المستعملة لقياس كمية الدهون في الجسم، قياس ثخن الجلد خلف العضلة العضدية ثلاثة الرؤوس triceps skinfold thickness الذي يتوافق مع نسبة الدهون في جسم الإناث، كما يتوافق ثخن الجلد تحت عظمة الكتف subscapular مع نسبة الدهون عند الرجال. ومما يؤثر على هذه القياسات مع تقدم العمر هو ضمور ثخانة الجلد ومطاطيته مع تقدم السن، لذا فقد وضعت جداول مرجعية خاصة بالمسنين لهذه القياسات.

وفي السنوات الأخيرة استحدثت بعض التقنيات المتقدمة لقياس مكونات الجسم وتعتمد هذه التقنيات إما على على ماوقة الجسم لتيار كهربائي ضعيف bioelectrical impedance أو على تفاعل مكونات الجسم مع بعض مصادر الإشعاع، مثل تقنية الرنين المغنطيسي magnetic resonance، وتقنية التصوير المقطعي المحوسب. وقد أثبتت هذه التقنيات دقة متناهية في تقييس مكونات الجسم من عضلات وأنسجة دهنية وماء. وينتظر أن يؤدي استخدام هذه التقنيات إلى الكشف عن العلاقة بين توزيع الدهون في الجسم وانحسار حجم العضلات، وإلى التغييرات في خصائص بعض الخلايا، وعلاقة كل ذلك بتقدم العمر. ويبدو أن هذه التقنيات ستحل كثيرا من المشاكل التي نواجهها الآن في عملية القياسات البشرية للمسنين.

القياسات البيوكيميائية biochemical measures:

تتأثر كثير من القياسات البيوكيميائية التي تستعمل لتقييم الحالة التغذوية بتقدم العمر، إلا أن التغييرات الخاصة بأهم مؤشرفي هذا المجال. وهو تركيز بروتين الألبومين في الدم، قليلة للغاية. وعند استعمال هذا المؤشر لتقييم الحالةالتغذوية.للمسن، لا بد من الأخذ في الاعتبار غياب حالة التجاف، ونوع العقاقير التي قد يستعملها المسن، وكذلك وضعه الصحي. ومن المعروف أن تزكيز الألبومين في الدم يتاثر بطول الفترة التي تتطلب الحالة الصحية للمسن المريض أن يكون فيها ملازما للسرير. ومن ناحية ثانية، فإن تركيز بروتين الترانسفران في الدم يتأثر سلبيا بزيادة كمية مخزون الحديد في أجسام المسنين، وقد يقود استعمال هذا المؤشر إلى تشخيص خاطئ لأعراض سوء التغذية.

أما بالنسبة إلى ضمور العضلات مع تقدم السن، فهنالك قياس نقص إفراز الكرياتنين creatinine في البول. وقد يزيد من نقصان إفراز الكرياتينين تراجع في عمل الكلى عند المسنين. وقد استعمل مؤشر الكرياتينين الطولي لتقييم حالة العضلات في الجسم، ولكن الصعوبة في قياس طول المسنين تجعل استعمال هذا المؤشر غير ملائم لتقييم حالة العضلات عند المسنين. هذا وقد استعمل بعض الباحثين طول الذراع كبديل لطول القامة في هذا الخصوص.

أما بالنسبة للمؤشرات البيوكيميائية الأخرى التي تستخدم في تقييم الحالة التغذوية، فإنها تبقى في المعدل الطبيعي مع تقدم العمر، ما لم تؤثر فيها الأمراض التي قد يتعرض لها المسن.

القياسات الدموية والمناعية:

مع تقدم السن تتراجع نسبة تركيز الهيوغلوبين Hemoglobinفي الدم، لذا فقد اقترحت نسبة تركيز 12 غراما في كل 100 مليلتر كحد أدنى للتركيز الطبيعي للهيموغلوبين في دم الإناث المسنات والذكور المسنين على حد سواء.
ولقد سبقت الإشارة إلى نقص مناعة الجسم الطبيعية مع تقدم السن، إضافة إلى ذلك فإن كثيرا من الأمراض مثل السرطان cancer، وكذلك العمليات الجراحية الرئيسية major surgical operations والإصابة بالكسور fractures تقلل من مناعة الجسم الطبيعية. لذا فإن استعمال اختبارات المناعة لتقييم الحالة التغذوية عند المسنين لا يبدو ملائما في كثير من الأحيان.

الدعم التغذوي للمسنين:

برامج الدعم التغذوي:

اتجهت كثير من حكومات البلدان إلى وضع برامج للدعم التغذوي للمسنين.سواء في مساكنهم الخاصة أو في دور العجزة وكبار السن. وتنوعت هذه البرامج بين تقديم وجبة متكاملة يوميا على الأقل، وبين دعم بعض السلع الغذائية التي توفر تكاملا غذائيا للمسنين. غير أن مثل هذا البرنامج لم يطبق في معظم بلدان منطقة الشرق الأوسط.

الوجبات السائلة:liquid diets

تقدم الوجبات السائلة liquid diets لكثير من المرضى المسنين الذين لا يستطيعون تناول الطعام أو لا يتناولونه بكميات كافية. وقد وفرت شركات الدواء والغذاء الكثير من أنواع الوجبات السائلة الجاهزة للاستعمال لدعم الحالة التغذوية عموما، أو لاستعمالها في بعض الحالات التغوذية مثل حالات المرضى المصابين بالسكري diabetic أو بأمراض الرئة. وبينت التجربة في استعمال الوجبات السائلة أن لها أثر فعال في دعم الحالة التغذوية للمسنين.

التغذية الأنبوبية:enteral nutrition

تتنوع أنواع الغذاء المستعمل للتغذية الأنبوبية enteral nutrition بين طعام عادي مسحوق، ومواد غذائية مخلوط "مثل مصدر بروتين ومصدر كربوهيدرات مذابان في الماء" ووجبات متكاملة جاهزة للاستعمال، وهي نفس الوجبات السائلة المذكورة أعلاه. وقد أصبحت الوجبات السائلة جاهزة الاستعمال أكثر رواجا لدعم التغذية عن طريق الأنبوب نسبة لعدم الحاجة لتحضيرها في المستشفيات وتلافي إمكانيات تلوثها أثناء التحضير.

وهنالك شح في المعلومات عن المرضى المسنين الذين يتلقون التغذية عن طريق الأنبوب. وتشير المعلومات المتوفرة إلى نجاح استعمال هذا النوع من التغذية لتغذية المسنين، وهنالك كثير من المرضى المسنين الذين يعتمد استمرارهم في الحياة على هذا النوع من التغذية. ولا بد من المراقبة الدقيقة للمرضى المسنين الذين يتلقون هذا النوع من التغذية، وأهم ما يجب مراقبته عند هؤلاء المرضى هو توازن السوائل والأملاح. وقد بينت دراسة قمنا بإجرائها أن كثيرا من المرضى الذين يتلقون التغذية عن طريق الأنبوب معرضون لبعض أنواع سوء التغذية، خاصة نقص البروتين ونقص الحديد، وينبغي أن يتلقى هؤلاء المرضى تقييما دوريا مفصلا عن حالتهم التغذوية.التغذية الوريدية:

قد يحتاج المرضى المسنون الذين يعانون من نقص حاد في التغذية، أو نظرا إلى عدم إمكانية توفير حاجتهم الغذائية عن طريق الجهاز الهضمي، إلى التغذية عن طريق الوريد Parenteral nutrition وأكثر أنواع الكربوهيدات المستعملة في محاليل التغذية عن طريق الوريد هو الغلوكوز مفرط التوتر hypertonic glucose وحيث أن كثيرا من المسنين يعانون من انحسار القدرة على تحمل الغلوكوز glucose tolerance، يتوجب مراقبة تركيز الغلوكوز في دمهم مراقبة دقيقة عند دعم تغذيتهم عن طريق الوريد. كذلك يجب مراقبة تركيز الدهون في الدم عند هؤلاء المرضى وبالذات في حالات المرضى الذين تتطلب العناية الطبية بهم الحد من كمية السوائل، حيث يتم في هذه الحالات زيادة كمية الدهون على حساب الغلوكوز في محاليل التغذية عن طريق الوريد "حيث الدهون توفر كميات أعلى من الطاقة ي كمية أقل من السوائل مقارنة بالغلوكوز".

يمكن تحضير محاليل التغذية عن طريق الوريد لتوفير الحاجة الطبيعية للمريض المسن من الفيتامينات والمعادن، كما يمكن تغيير تركيز بعض الفيتامينات والمعادن للوفاء بحاجة تغذوية خاصة عند المريض المسن. وينبغي الحذر عند زيادة تركيز أحد الفيتامينات أو المعادن في هذه المحاليل. فهنالك مثلا بعض الفيتامينات مثل فيتامين c والنياسين التي قد يسبب ارتفاع تركيزها في محلول التغذية عن طريق الوريد إلى ظهور أعراض جانبية مثل اضطراب نظم القلب cardiac arrhythmias.

التفاعل بين الأدوية والعناصر الغذائية drug nutrient interaction:

يتعاطى المسنون الأدوية أكثر من أي مجموعة عمرية أخرى، وينطبق هذا على العقاقير التي تعطى بناء على وصفة الطبيب، أو الأدوية التي تباع بغير وصفة طبية. ويزيد الأمر تعقيدا أن كثيرا من المرضى المسنين يتناولون أكثر من دواء "polypharmacy" في وقت واحد، في حين أن تقبل جسم المسن لأي من هذه الأدوية في مثل هذه الحالات يصعب التنبؤ به. وإضافة إلى تفاعل أنواع الأدوية بعضها مع بعض، يؤثر تفاعل الأدوية مع العناصر الغذائية على امتصاص واستقلاب إفراز الأدوية والمواد الغذائية. ويتأثر المرضى المسنون أكثر بمثل هذا التفاعل المتبادل بين الأدوية والعناصر الغذائية، خصوصا المرضى منهم الذين يعانون من الأمراض المزمنة chronic diseases، أو من يكون تناولهم الغذائي محدودا. وربما يكوننقص المعادن هو المثال الشائع لسوء التغذية التي يسببها تناول بعض الأدوية وقد يأخذ ظهور أثر هذا التفاعل المتبادل بين الأدوية والمواد الغذائية وقتا طويلا قبل اكتشافه، كما في حالة إصابة المسن بمرض حاد acute illness، ويحتوي الجدول 5 على أمثلة لتأثير بعض الأدوية على استفادة الجسم من العناصر الغذائية.

 تأثير تناول بعض أنواع الأدوية على الحالة التغذوية

أثر العوامل النفسية والفيزيولوجية والاجتماعية على تغذية المسنين:

اهتم كثير من الباحثين بدراسة أثر العوامل النفسية والاجتماعية على تغذية المسنين، والتي يمكن تقسيمها إلى عوامل طبيعية وعوامل نفسية وعوامل فيزيولوجية وعوامل اقتصادية- اجتماعية. ويلخص الجدول6 هذه العوامل التي أظهرتها نتائج.الدراسات المختلفة. والجدير بالذكر هنا أن هذه الدراسات أجرى معظمها على المسنين في القارة الأوروبية والولايات المتحدة الأميركية، وبالتالي فإن الجدول المذكور يلخص العوامل النفسية والاجتماعية والطبيعية والفيزيولوجية المؤثرة على تغذية المسنين في هذه المجتمعات. وبالطبع تختلف هذه العوامل من مجتمع إلى آخر، غير أنه لا يتوفر لدينا الآن العدد الكافي من مثل هذه الدراسات عن العالم العربي لاستخلاص النتائج الخاصة بهذا الشأن. وسوف نحاول بقدر الإمكان تقدير آثار العوامل النفسية والاجتماعية في المجتمعات العربية على تغذية المسنين فيما سنورده أدناه.

العوامل الطبيعية:

مع تقدم العمر يزداد احتمال فقد الأسنان. وبالرغم من أن التقدم في طب الأنسان عالج حالات فقد الأسنان بالأسنان الاصطناعية، إلا أنه ينبغي الإشارة إلى أن الأسنان الاصطناعية ما زالت باهظة الكلفة على قطاع كبير من السنين. ويؤدي فقدان القدرة على المضغ الكافي للطعام لعدم وجود العدد الكافي من الأسنان إلى تغيير في نوع الطعام المتناول وإلى تجنب أطعمة معينة. مثال ذلك تفضيل النشويات والأطعمة المطبوخة جيدا والمهروسة وتجنب تناول الفواكه والخضار الطازجة واللحوم. وبالطبع يقود هذا التغيير في نمط التناول الغذائي إلى نقص في تناول بعض العناصر الغذائية كالحديد والزنك، كما يؤدي تجنب تناول الخضار والفاكهة والأغذية الأخرى الغنية بالألياف الغذائية إلى نقص حجم البزار والذي يقود إلى ضعف حركة عضلات الجهاز الهضمي، ويؤدي بالتالي إلى الإمساك.
كذلك مع تقدم العمر يقل التناسق بين الجهازين العصبي والعضلي، ويؤدي ذلك إلى عدم ثبات حركة الأيدي والأرجل، مما يؤثر على تناول بعض الأطعمة خصوصا المشروبات. وكثيرا ما يتجنب المسن مثل هذه الأطعمة خوفا من الحرج الذي قد يسببه تناول هذه الأطعمة مثل دلق الطعام على الملابس. وفي حالة المسنين المصابين بمثل هذا الخلل والذين يقومون بشراء وتحضير طعامهم بأنفسهم، فغالبا ما يتجنبون تحضير الطعام الساخن خوفا من حوادث الحريق. وفي حالة عدم وجود محل قريب لشراء الطعام الطازج، يلجأ هؤلاء المسنون إلى شراء الطعام الموجود من المحل الأقرب.ويصاب كثير من المسنين بضعف حاستي البصر والسمع، وقد يؤدي ذلك إلى سوء في التدقيق عند اختيار الطعام أو إلى تجنب تناول الطعام في بعض الأماكن كما يشكو الكثير من المسنين من بعض أنواع الطعام التي تسبب لهم أعراضا مثل الحرقة heartburn أو النفخة مما يدفعهم إلى تجنبها، والتي قد تكون ذات قيمة غذائية عالية، من غير محاولة معالجة السبب في ظهور هذه الأعراض عند تناولها.

العوامل النفسية:

كثيرا ما يأنف المسنون اعتمادهم على الآخر، ويلجأون إلى الاحتفاظ باستقلاليتهم، مثل الإصرار على السكن بمفردهم. ويفتقد مثل هؤلاء المسنين الدافع إلى تحضير الطعام والانتظام في مواعيد تناوله، مما يؤدي إلى تناول وجبات غير متوازنة. وقد تؤدي مثل هذه الحالات أيضا إلى لجوء المسن إلى تناول كميات كبيرة من الطعام في بعض الأيام، وتجنب تناول الطعام في أيام أخرى

ويعاني كثير من المسنين من الاكتئاب depression الذي يؤثر على تأقلم المسن مع التغيير في أسلوب حياته. وقد ينعكس أثر الاكتئاب على تناول الطعام، فيكثر المسنون من الأكل لتعويض الفراغ العاطفي في حايتهم، وبالطبع قد يؤدي هذا إلى الإصابة بالسمنة. كما أن العزوف عن الطعام قد يحدث أيضا نتيجة الشعور بالاكتئاب. إن مساعدة أفراد العائلة للمسن في خلق حياة اجتماعية نشطة، يساعد كثيرا في التخلص من الشعور بالاكتئاب.


وتؤدي العزلة الاجتماعية والفراغ العاطفي عند المسنين أيضا إلى الشعور بالقلق anxiety والذي يؤدي في كثير من الأحيان إلى فقدان الشهية لتناول الطعام كذلك يسبب الشعور بالقلق في بعض التغييرات الهرمونية التي ينتج عنها قلة في إفراز العصارات الهضمية digestive juices في المعدة والأمعاء، وبالتالي يفقد الجسم المقدرة على الامتصاص الكامل لمواد الغذائية. من الجانب الآخر فإن العقاقير التي تستعمل لمعالجة القلق كثيرا ما تؤدي إلى فقدان الشهية. لذا فإن تناول المسن لوجباته برفقة أقرانه أو أفراد العائلة يمنع الكثير من هذه المشاكل.والجدول 6- أثر العوامل الطبيعية والنفسية والاقتصادية- الاجتماعية على تغذية المسنين

العوامل الاقتصادية- الاجتماعية:

كثيرا ما تتدهور الحالة الاقتصادية للمسنين الذين يعتمد دخلهم على ما يتلقونه من فوائد بعد الخدمة، مما يؤثر مباشرة على شراء المواد الغذائية. لذلك يلجأ هؤلاء المسنون إلى شراء المواد الغذائية الرخيصة التي تسد رمقهم، مثل الخبز والأرز، وإهمال شراء المواد الغذائية المكلفة نسبيا، مثل اللحوم والفاكهة، وبالطبع ينعكس هذا التغيير في نمط التناول على حالتهم التغذوية.

وقد شهدت كثير من مجتمعات الدول النامية حركة تمدن في الحقبات الأخيرة، سببت هجرة من الأرياف والسكن في المدن. وقد لجأ بعض أبناء المسنين الذين تركوا الأرياف وهاجروا إلى المدن إلى اصطحاب آبائهم المسنين إلى المدن. ويترك الوالدان المسنان في مثل هذه الحالات أصدقاءهم القدامى في القرية والمجتمع الذي عاشا فيه طوال عمرهما، إلى مجتمع يختلف فيه أسلوب الحياة وربما الثقافة واللغة ونمط التناول الغذائي، ولا يجد مثل هؤلاء المسنين أي دور لهم في هذا المجتمع الجديد. مثل هذا التغيير قد يؤدي إلى عدم التأقلم على العادات الغذائية الجديدة ويؤثر على الناحية النفسية للمسن، مما قد يقود إلى الشعور بالاكتئاب والقلق اللذين يؤثران على الحالة التغذوية كما سبق ذكره أعلاه.في حالات أخرى يهجر الأبناء الريف إلى المدن تاركين ورائهم المسنين الذين قد تسوء حالتهم الاقتصادية كثيرا، مما ينعكس على نمط تناولهم الغذائي. وتتأثر الحالة التغذوية للذكور المسنين كثيرا في مثل هذه الحالات، حيث أن معظم الذكور في مجتمعات الدول النامية يجهلون طرق الطهي وتحضير الطعام لاعتمادهم على الأنثى في هذا المجال.

وكثيرا ما ينتهي المسن في سنواته الأخيرة بالإقامة في دور المسنين أو المستشفيات. ونظرا لندرة المعلومات المتوفرة عن الحاجات الغذائية للمسنين من نزلاء دور المسنين أو المستشفيات، فقد تكون هنالك صعوبة في توفير الطعام المتكامل لمثل هؤلاء المسنين. وبالفعل فقد قارن أحد الباحثين المشاكل التغذوية للمسنين الذين يعيشون بمنازلهم بأولئك الذين يعيشون بدور المسنين، حيث وجد أن الفئة الأخيرة تعاني من بعض أعراض سوء التغذية انعكسب في نقص في تركيزفيتامين c وحمض الفوليك والألبومين والزنك في الدم. كما لاحظ أيضا أن الوجبات التي تقدم في مثل هذه الدور قد تحتوي على بعض العناصرالغذائية دون المستوى الموصي به، وبالذات الحديد وحمض الفوليك والألياف الغذائية. وتنطبق هذه الملاحظات أيضا على نزلاء المستشفيات من المسنين. فقد استخلصت بعض الدراسات أن نزلاء المستشفيات من المسنين يعانون من نقص الزنك وفيتامين D والثيامين وحمض الفوليك والكالسيوم، ولا تحتوي وجباتهم على كميات كافية من الألياف الغذائية، كما لوحظ أن المسنين في المستشفيات لا يتناولون غذائهم كاملا إذا تركوا بمفردهم أوقات تناول الطعام.

الإرشاد التغذوي للمسنين:

ينبغي أن يقوم الإرشاد التغذوي للمسنين كفئة عمرية من المجتمع على نتائج المسوحات التغذوية التي تحدد مشاكل تغذية المسنين العامة، وبالتالي يتم إعداد برامج الإرشاد التغذوي التي تأخذ في الاعتبار هذه المشاكل.ويحتاج كثير من المسنين إلى إرشاد تغذوي nutrition counselling خاص والذي يقود بالطبع إلى تقديم النصح لهم بتغيير بعض العادات الغذائية أو الحد من تناول بعض الأطعمة أو تناول أطعمة غير تلك التي يتناولونها عادة. وعند تقديم مثل هذه الإرشادات التغذوية، ينبغي مراعاة الطريقة التي تقدم بها النصيحة حتى يتقبلها المسن. فأي تغيير في نمط التناول الغذائي قد يتقبله المسن، إذا ما روعي فيه المذاق المفضل للمسن، وسهولة التأقلم على التغيير، أو إقناع المسن بالفوائد الصحية لمثل هذا التغيير في نمط التناول. وكثيرا ما يعني التغيير في نوعية طعام المسن الحرمان من تناول طعامه المفضل، وقد يقود ذلك إلى العزوف عن الطعام كلية لذا ينبغي عدم تقديم النصح في شأن الغذاء في شكل أوامر، أو تصنيف أنواع الطعام على أساس طعام سيئ وطعام صحي، مثلا، كما يجب أيضا عند تقديم الإرشاد التغذوي للمسن تقييم حالة تأقلمه على أنواع غذاء معينة، أو على كميات محدودة من الطعام. فالمسن البالغ من العمر سبعين عاما مثلا والذي تعود طيلة حياته على الاستمتاع بكوب الشاي المضاف إليه السكر، من الصعب إقناعه بعدم تناول السكر لتجنب إصابته بمرض السكري، في مثل هذه الحال ينبغي الالتفات إلى عاداته الغذائية الأخرى التي قد يكون تغييرها أكثر تقبلا للمسن.

ومن الجدير بالذكر هنا أنه ليس هنالك اتفاق عام بشأن الإرشادات العامة لتغذية المسنين غير تلك التي يمكن أن تستنبط من كميات العناصر الغذائية الموصى بها لمسنين. وقد تتوفر قريبا مثل هذه الإرشادات نظرا لكثافة الأبحاث والدراسات التي تجرى حاليا في مجال تغذية المسنين



المصادر

الكتاب: الغذاء والتغذية
المؤلف: عبد الرحمن عبيد عوض مصيقر.

reaction:

تعليقات