القائمة الرئيسية

الصفحات

تغذية المسنين- الاحتياجات الغذائية للمسنين.

تغذية المسنين- الاحتياجات الغذائية للمسنين.

تغذية المسنين- الاحتياجات الغذائية للمسنين.


في الحقبات الأخيرة من هذا القرن ونتيجة للتقدم الهائل في علوم الطب العلاجية والوقائية ازدادت نسبة الأفراد المسنين "أكثر من 65 عاما" بالنسبة لعدد الأفراد الكلي في المجتمعات الصناعية. ويعتقد أن هذه الظاهرة تنسحب على البلدان النامية مع تحسن المستوى الصحي والتغذوي في هذه البلدان. وفي نهاية القرن الماضي كان هنالك فرد واحد بين كل 25 فردا من الولايات المتحدة الأميركية يبلغ من العمر أكثر من 65 عاما، ومع بداية القرن القادم يتوقع أن تتحول هذه النسبة إلى فرد واحد من كل خمسة أفراد، وهي النسبة الحالية في اليابان.


هذه التغييرات الديموغرافية تلقى أعباء مباشرة على الخدمات الصحية وتدفعنا إلى إثراء معرفتنا عن المتطلبات الغذائية والحياتية والطبية لهذا القطاع المتزايد النمو من أفراد المجتمع. فما يميز قطاع المسنين ليس فقط الفروق في الحالة الصحية ودرجة الاعتماد على النفس في ممارسة الحياة العادية بين من هم في حقبة السبعين وحقبة الثمانين من عمرهم مثلا، بل الفروق بين من هم في نفس حقبة العمر الواحدة. فبينما نجد تزايدا في أعداد من هم في عمر السبعين ويتمتعون بصحة جيدة وغير معتمدين على الآخرين في تسيير أمورهم اليومية العادية، نجد من هم في نفس هذا العمر يعانون من الأمراض المزمنة ويحتاجون إلى رعاية في ممارسة أبسط أشيائهم العادية اليومية. ولقد زاد الاهتمام في الحقبات الأخيرة من هذا القرن بدراسة التغيرات الفيزيولوجية والبيوكيميائية التي تتزامن مع تقدم العمر وأثر ذلك على الحاجات الغذائية للمسنين، ولكن تبقى معرفتنا لهذه التغييرات وحاجاتالمسنين الغذائية أقل كثيرا مما نصبوا إليه. 



وعموما فقد تركزت الأبحاث الخاصة بالعلاقة بين التغذية وتقدم العمر في المجالات التالية:-

  1.  أثر التغذية على وظائف الجسم مع تقدم العمر.
  2.  دور التغذية في الوقاية من أعراض الكبر والشيخوخة.

 الاحتياجات الغذائية للمسنين.

تعريفات:
  1. الكبر aging.: تدهور في نشاط الجسم الفيزيولوجي مع تقدم العمر.
  2. طب الشيوخ geriatrics :فرع من علم الطب يعني بمحاولة تأخير ظهور أعراض الشيخوخة ومعالجة أمراض المسنين.
  3. مبحث الشيخوخة gerontology :قطاع علمي عريضي يعني بالمظاهر النفسية والاجتماعية والاقتصادية والفيزيولوجية والطبية لظاهرة الكبر والشيخوخة.

النظريات العلمية لظاهرة الكبر والشيخوخة:

يمكن محاولة فهم ظاهرة الكبر من منطلقين مختلفين. المنطلق الأول هو أن كل عضو في الجسم يفقد وظيفته بالتلف التتدريجي للخلايا، وبالتالي يفقد الجسم حيويته وتظهر عليه أعراض الكبر. أما المنطلق الثاني فيرتكز على أن عضوا أساسيا يتحكم في عمل بقية الأعضاء "مثل الجهاز العصبي المركزي" يصاب بالتلف تدريجيا، ويؤدي بالتالي إلى فقدان الأعضاء الأخرى لوظائفها الفيزيولوجية.


  1.  تلف الخلايا: أظهرت دراسة زراعة الخلايا خارج الجسم in vitro أن مقدرة الخلايا على النمو خارج الجسم تعتمد على عمر الشخص الذي أخذت منه الخلايا. وقد أدت هذه الملاحظة إلى انتشار الدراسات الخاصة بالكبر والشيخوخة عن طريق زراعة خلايا أعضاء المسنين خارج الجسم. إلا أنه ينبغي الحذر في تقييم نتائج مثل هذه الدراسات وذلك بعدم استبعاد أثر المواد الموجودة في الوسط الذي تزرع فيه هذه الخلايا على نمو الخلايا.
  2.  تدهور "الأعضاء المراقبة": بمساعدة طرق التصوير والتخطيط المعتمدة على الحاسوب مثل طريقة التصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني "PET" positron emission tomography وطريقة التصوير الطبيعي المقطعي المحوري المحوسب axial computerized tomography أصبح من الممكن دراسة الدماغ بكثير من التفصيل وقد دلت مثل هذه الدراسات على انكماش حجم الدماغ مع تقدم السن وبالذاتبعد سنة الخامسة والستين عاما، الأمر الذي قد يعنى موت خلايا الدماغ ويؤدي بالتالي إلى تدهور وظائف الدماغ.ويتحكم الجهاز العصبي المركزي في عملية الاستتباب homeostasis ويتناقص التحكم في عملية الاستتباب مع تقدم العمر. وقد لوحظ أن كمية مادة الأستيل كولين تقل مع تقدم العمر، وكذلك يقل تركيز كثير من الهرمونات في الدم، وتقل أيضا قدرة الجسم المناعية immune capacity وكل هذه الأنظمة معروفة بتأثيرها على خصائص الخلايا الحيوية.
  3.  موت الخلايا: كما ورد أعلاه فإن ضمور حجم الأعضاء "الدماغ مثلا" يعزي في الغالب إلى موت الخلايا، وقد استنبطت نظريتان لتفسير موت الخلايا.

نظريات تفسير موت الخلايا.

  1. الخلايا مبرمجة وراثيا لتموت تخلص هذه النظرية إلى أن إحدى الجينات التي تسمى جينة التشيخ senescence gene تتحكم في عمر الخلايا، وتدعم هذه الخلاصة حقيقة أن طول العمر الحياتي محدد لكل أنواع المخلوقات.
  2.  تلف الخلايا يؤدي إلى موتها. تخلص هذه النظرية إلى أن هناك مسببات داخل الخلايا أو في الوسط المحيط بالخلايا تؤدي مع الزمن إلى تلف الخلايا وبالتالي إلى موتها، وقد اعتمدت هذه النظرية بعد إحدى التجارب التي أظهرت أنه يمكن تأخير أعراض الكبر في حيوانات الاختبار "الفئران" المسنة وذلك بحقنها بسوائل أجسام الحيوانات الشابة. وقد ورد كثير من التفسيرات المبنية على التجارب المعملية والاستخلاصات النظرية لتفسير تلف الخلايا،

 ويمكن تلخيص هذه التفسيرات بالتالي:

  1. - ترسب المواد وبعض أجزاء الخلية التالفة "clinker theory".
  2. - الإنهاك الكيميائي والميكانيكي للخلايا "wear and tear theory"
  3. - خلل في نسخ الحموض النووية الرنا RNA والدنا DNA أو في ترجمة شفرة الحموض النووية إلى بروتينات، يؤدي إلى نكوص في أداء وظائف الخلايا "Genetic theory- somatic mutation theory".
  4. - مهاجمة الأجسام المضادة "التي تهاجم عادة الخلايا الدخيلة على الجسم" لخلايا الجسم وبالتالي تحطيم هذه الخلايا "autoimmune theory".
  5. - عمليات الأكسدة الناتجة من تكوين جذور حرة free radicals وتؤدي إلى ازدياد صمل خلايا الكولاجين وعدم قدرتها على الحركة. كذلك قد تسببعمليات الأكسدة أكسدة اللبيدات "الدهون" الموجودة في أعشية الخلايا، فتحطم منظومة الغشاء وتتلف الخلايا وترسب الدهون البروتينية  المؤكسدة.

على العموم يبدو أن النظرية التي تقول إن الخلايا مبرمجة وراثيا لتموت تحمل تفسيرا أقرب للملاحظات العلمية عن ظاهرة الكبر، بينما تفسر النظرية التي تقول إن تلف الخلايا يؤدي إلى موتها حقيقة أن ظاهرة الكبر والشيخوخة قد تتأثر، في تقدم أو تأخر ظهورها، بعوامل داخلية أو خارجية تؤثر على الخلايا. ويأتي من ضمن هذه المؤثرات العناصر الغذائية التي قد تمنع أو تؤخر النكوص في عمل الخلايا أو تمد الخلايا ببعض المواد التي تمنع نكوص الوظائف الفيزيولوجية، مثل تواجد الكميات الكافية من فيتاميني c و E اللذين يعملان كمواد مضادة للأكسدة.

الجهاز الهضمي وتقدم السن:

يمكن تقسيم التغييرات في أداء الجهاز الهضمي الناجمة عن الكبر إلى ثلاثة أنواع. النوع الأول تغييرات مرضية pathologic مثل تليف الكبد والتهاب البنكرياس المزمن. والنوع الثاني تغييرات تلازم عملية تقدم السن والكبر، مثل نقل إفرازات الغدد المعوية، وزيادة رقة جدار الأمعاء  والتهاب القولون الإقفاري ischemic colitis. أما النوع الثالث من التغييرات فهو الذي ينجم عن عملية الكبر مثل فقد الأسنان، والإمساك الناتج عن تراجع في انقباضات الجهاز الهضمي. وهذه التغييرات متداخلة ولا تحدث منفردة في العادة.


ويعتقد أن عملية البلع في الحلقوم لا تتأثر بالكبر، وليس هنالك من معلومات علمية تفسر التغييرات في إخلاء المعدة الملازمة للكبر. ومن أكبر اضطرابات الكبر في الجهاز الهضمي الإمساك الذي يزيد عند المسنين بأربعة إلى ثمانية أضعاف موازاة بالشباب. وينجم الإمساك الملازم للكبر عن تراجع في التوتر العضلي muscular tonus لعضلات الجهاز الهضمي وعن نقص مرونة القولون والمستقيم.


تقوم الإنزيمات التي يفرزها الغشاء الخارجي الفرجوني brush border membrane للجهاز الهضمي بهدم جزيئات الكربوهيدرات والبروتينات والدهون. وفيما عدا إنظيم اللاكتاز "الذي يعرف أن نشاطه يعتمد على العمر والأصل العرقي" لوحظ أن الإنزيمات الأخرى مثل المالتاز، وألكالين فوسفاتاز، واللوسين أمينوببتيداز، يزيد نشاطها مع تقدم العمر. وقد يكون السبب في زيادة نشاط هذهالإنزيمات عند المسنين هو أن دورة TURNOVER خلال الجهاز الهضمي أطول عند المسنين، مما يوفر لهم خلايا ناضجة يفوق عددها مثيلاتها عند غير المسنين، تسبب زيادة في إفراز ونشاط هذه الإنزيمات. وبناء على هذه الملاحظة يمكن القول إن عملية الهضم لا تتغير نوعا مع تقدم السن.


وكما هو الحال بالنسبة لعملية الهضم، تشير الدلائل إلى أن عملية امتصاص العناصر الغذائية هي الأخرى لا تتغير نوعيا مع تقدم العمر. فقد دلت نتائج الاختبارات التي أجريت على امتصاص السكريات بأن امتصاص السكريات الأحادية متناقضة النتائج ولا يمكن الجزم حتى اليوم في أمر أثر العمر والكبر على امتصاص السكريات.


وبما أن عملية امتصاص الدهون أكثر تعقيدا من امتصاص السكريات العناصر الغذائية هي الأخرى لا تتغير نوعيا مع تقدم العمر. فقد دلت نتائج الاختبارات التي أجريت على امتصاص السكريات بأن امتصاص السكريات الأحادية لا يتغير بتقدم العمر. غير أن الدراسات المنشورة عن امتصاص السكريات الأحادية متناقضة النتائج ولا يمكن الجزم حتى اليوم في أمر أثر العمر والكبر على امتصاص السكريات.


وبما أن عملية امتصاص الدهون أكثر تعقيدا من امتصاص السكريات، فإن تقدم العمر يؤثر أكثر على امتصاص الدهون مقارنة بالكربوهيدرات. وهنالك كثير من الدراسات التي تشير إلى أن طرح الدهن في البراز بعد تناول وجبة عالية الدهن، أكثر بالنسبة للمسنين "70 سنة وما فوق" مقارنة بغير المسنين كما أن هنالك بعض الدراسات التي تشير إلى انخفاض في نشاط تميم إنزيم أحادي غلسيريد أسيل ترانسفراز، وهو الإنزيم الذي ينشط عملية إعادة بناء الشحوم بعد امتصاص الحموض الدهنية والغلسيرول. وليس هنالك ما يمنع الاعتقاد بأن إفراز إنزيم الليباز البنكرياسي وإفراز عصارة البنكرياس يتراجعان مع تقدم السن. عموما تشير كل نتائج الدراسات المنشورة إلى أن هضم وامتصاص الدهون يقل مع تقدم العمر.


من المعروف أن جراثيم الجهاز الهضمي تلعب دورا مهما في تغذية الإنسان بالذات بالنسبة لاستقلاب البروتين وبعض الفيتامينات. وفي بعض الدراسات التي أجريت في اليابان لوحظ أن هنالك تغيرا نوعيا في جراثيم الجهاز الهضمي عند المسنين "ثمانين عاما وما فوق" مقارنة بمن هم أقل منهم عمرا. هذا التغير بالطبع يؤثر على استقلاب البروتين والفيتامينات. ولكنه قد لا يكون موازيا لتقدم السن فقط. فقد يكون ناتجا عن اختلاف العادات الغذائية خصوصا في نسبة تناول الألياف الغذائية.

تغيرات تكوين الجسم الملازمة للكبر:

تصبح التغيرات في تكوين الجسم التي تستمر مدى العمر أكثر أهمية في الحقبة الأخيرة من العمر. فهنالك فقدان لحوالي 5% من حجم العضلات مع كل حقبة زمنية من العمر، وزيادة نسبة الدهون اطراديا "كما هو موضح في الجدول التالي" كما أن هنالك تناقصا في نسبة الماء مع تقدم العمر من 70% من وزن الجسم للشباب إلى 60 بالنسبة للرجال المسنين و 50% بالنسبة للنساء المسنات.


التغييرات في تكوين الجسم الملازمة لتقدم العمر "بالنسبة المئوية من وزن الجسم"ويصعب عزل التغيرات في مكونات الجسم الملازمة لتقدم العمر عن تلك التي تعود إلى الأسلوب الحياتي للمسنين، أو تلك التي تنتج عن بعض الحالات المرضية. فالسمنة "البدانة" مثلا أصبحت من المشكل التغذوية الرئيسية التي يعاني منها المسنون في بعض الأقطار الغربية وفي بعض الدول العربية. وهنالك كثير من الدراسات الحديثة التي تربط زيادة الوزن بزيادة معدل الوفيات عند المسنين، كما تزداد نسبة الوفيات أيضا بين المسنين ذوي الوزن الأقل من الوزن السوي. وقد اعتمدت هذه الدراسات على مؤشر كتلة الجسم BODY MASS INDEX "BMI" والذي يعرف أيضا بمؤشر كويتليت لتقييم أوزان المسنين. وبالرغم من الإشارة في هذه الدراسات إلى علاقة أسلوب الحياة "التدخين، تناول الكحول، العادات الغذائية" بزيادة أو نقصان الوزن، إلا أن هذا الأمر يحتاج إلى مزيد من التوثيق العلمي

المشكلات الصحية المرتبطة بتغذية المسنين:

1- عوز البروتين والطاقة:

يعاني الكثير من نزلاء المستشفيات من المرضى المسنين من عوز في البروتين وفي الطاقة، وعادة ما يكون نقص البروتين والطاقة ثانويا أو لا سريرياsubclinical، ويظهر هذا النوع من النقص التغذوي بصورة جلية حين ظهور مرض آخر أو عند الإصابة بأحد الأمراض المزمنة، وفي هذه الحالة تظهر علامات الإجهاد stress ويعتري الكشف عن حالات نقص البروتين والطاقة عند المسنين بعض الصعوبات نسبة للتغييرات التي تحدث في الجسم مع تقدم العمر، والتي تؤثر على الاختبارات التي تجري لتقييم حالة الجسم التغذوية، مثل بعض قياسات الجسم البشري anthropometric measurements وأكثر الأعراض تمثلا لحالة نقص البروتين والطاقة عند المسنين، هي أعراض التشوش والتخليط confusion وتغييرات في الحالة الذهنية. لكن هذه الأعراض تظهر أيضا في بعض الأمراض مثل هبوط في القلب والأمراض الوعائية أو عدم انتظام بعض عمليات الاستقلاب، بل أن أعراض التشوش والتخليط هي أكثر ما يميز حالات تجفاف الجسم dehydration ويلاحظ أن المرضى المصابين بنقص البروتين والطاقة يتناولون كميات غير كافية من السوائل، ولكن يمكن تمييز حالات التخليط الناجمة عن جفاف الجسم بمراقبة التغييرات السريعة في وزن الجسم.


وللكشف عن حالات نقص البروتين والطاقة في المرضى المسنين يجب تشخيص أعراض نقص البروتين والطاقة سريريا مثل: سقوط الشعر، والتهاب الجلد القشاري flaky pain dermatitis، والتهاب اللسان glossitis، ونشاف الجلد وجحوظ العينين. كذلك فهنالك حالات مرضية تؤدي في أغلب الأحيان إلى الإصابة بنقص البروتين والطاقة مثل، الأمراض المزمنة أو المتكررة، وقصور النظر، وفقدان القدرة على الحركة، وإدمان الكحول، والمبالغة في استعمال الأدوية polypharmacy، والاكتئاب، والتخلف العقلي، والتخليط الذهني، وحالات الجراحة، وعند الإصابة بالأمراض الحادة acute illness episode. وينبغي في مثل هذه الحالات تقييم الحالة التغذوية للمسنين بعد الكشف عن الإصابة بنقص البروتين والطاقة عند المريض المسن.

2- السمنة:

في المجتمعات التي درس فيها تفشي السمنة بين المسنين، أظهرت نتائج الدراسات أن السمنة تتفشى بين النساء المسنات بنسبة ضعفين إلى ثلاثة أضعاف مقارنة بالرجال المسنين "60 عاما وما فوق"، وأن تفشي السمنة بين من هم فوق الثمانين عاما أقل مما هو شائع بين المسنين في حقبة العمر بين 60- 80 عاما.وتبين الدراسات أن معظم المسنين المصابين بالسمنة لا يتناولون كمية من الكالوري أكثر مما هو موصى بالنسبة لعمرهم، مما يدل على أن الإصابة بالسمنة عند المسنين تنتج في الغالب عن قلة الحركة التي تميز المسنين بعد سن التقاعد، والتي قد يكون سببها اجتماعي أو نفسي أو مرضى ويلازم مرض السمنة عند المسنين في كثير من الحالات الإصابة بمرض السكري والذي يعتقد أن من مسبباته الأساسية تلاشي حساسية الخلايا لهرمون الأنسولين. ومن المعروف أن مرض السكري عند المسنين المصابين بالسمنة هو من المخاطر التي قد تقود إلى الإصابة بأمراض القلب والأوعية cardiovascular diseases ويمكن تجنب السمنة أو زيادة نسبة الدهون في الجسم عند المسنين، وما قد ينتج عنها من أمراض مثل السكري وزيادة ضغط الدم hypertension وفرط شحميات الدم hyperlipidemia باتباع التمارين الرياضية المنتظمة وزيادة النشاط والحركة. فتقوية عضلات الجسم تزيد المقدرة على الحركة، مما يطيل في الحياة العملية المنتجة للمسنين.

3- أمراض القلب والشرايين:

إن نسبة الإصابة بالأمراض المخية الوعائية cerebrovascular قليلة جدًّا لمن هم أقل من أربعين عاما، ويعتقد أن عامل الكبر من العوامل المؤدية إلى الإصابة بالسكتة الدماغية stroke. وليست التغييرات التي تصيب الأوعية الدموية في الكبر من الحدة لتسبب الإصابة بالأمراض المخية الوعائية. لكن هذه التغييرات تمثل حالة مساعدة للإصابة بهذه الأمراض، خصوصا عند الإصابة بأمراض ذات علاقة باستقلاب الدهون. وحديثا ثبت أيضا أن التدخين هو أيضا من العوامل المساعدة للإصابة بالأمراض المخية الوعائية.

إن علاقة الأنظمة الغذائية بالأمراض الوعائية، مثل ارتفاع ضغط الدم والتصلب العصيدي atherosclerosis علاقة مثبتة علميا. ويبدو لنا الآن أن زيادة تناول الصوديوم والدهون تسبب، بالإضافة إلى ترسب الدهون في الأوعية وتصلب الأوعية، تغييرات في تركيب غشاء خلايا الأوعية التي لوحظت عند المسنين. وبالإضافة إلى دور الصوديوم في تنظيم ضغط الدم، فإن تركيزالصوديوم يتحكم أيضا في تركيز الكالسيوم المؤين في خلايا الأوعية، وهذا الدور يبدو الأكثر احتمالا لما تسببه زيادة نسبة تركيز الصوديوم في تصلب الشرايين. لذلك فإن تقليل كميةالصوديوم المتناول في الطعام يؤدي إلى حد من تصلب الشرايين arteriosclerosis.

إن تأثير زيادة نسبة الصوديوم إلى البوتاسيوم على ارتفاع ضغط الدم هو أعلى بمرتين أو ثلاث مرات عند المسنين مقارنة بغير المسنين.

وتدل الدراسات الحديثة التي تجري على خلايا القلب خارج الجسم in vitro أنه مع تقدم السن تزداد نسبة الكوليسترول بالنسبة إلى الشحوم الفوسفاتية في غشاء خلايا القلب المعزولة. وأن هذا التغيير مربوط بزيادة في مصل rigidity الخلايا وقد تفسر لنا هذه الدراسات علاقة زيادة تناول الدهون الحيوانية بنسبة الإصابة بأمراض القلب مع تقدم العمر. إن هذا التغيير في تركيب الأغشية وزيادة نسبة الكالسيوم المشرد داخل الخلايا. ومن الجدير بالذكر أن إضافة الحمض الدهني ايكوسابنتانويك يعكس هذه التغييرات التي تصيب غشاء خلايا القلب والأوعية. والمعروف أن هذا الحمض ومجموعته  يوجد بكميات عالية في الأسماك والأطعمة البحرية، وأن زيادة تناول هذه الأغذية لدى شعوب منطقة البحر الأبيض المتوسط قد تفسر قلة إصابة المسنين في هذه المنطقة بأمراض القلب والشرايين مقارنة بشعوب أخرى عرف عن سكانها زيادة تناولهم للدهون الحيوانية الأخرى.

نخلص من هذا أن علاقة التغذية بالإصابة بأمراض القلب والشرايين تمر عبر ظهور حالات مرضية مثل زيادة ضغط الدم وزيادة نسبة الكوليسترول في الدم، وأن الرعاية التغذوية مع تجنب أسباب أخرى مثل التدخين مفيدة في تجنب مثل هذه الأمراض المرافقة لتقدم السن. لذا فإن مدى العمر يمكن إطالته بالتحكم في مثل هذه الأمراض عن طريق تحسين الأنظمة الغذائية وتجنب المخاطر الأخرى المؤدية إلى أمراض القلب والشرايين.

4- المناعة الطبيعية وتقدم العمر:

بالرغم من انحسار الأمراض الوبائية من قائمة الأمراض الأساسية المسببة للموت في معظم أقطار العالم. لم تزل الأمراض الوبائية هي الأمراض الرئيسية المسببة للموت عند المسنين "40% من المسنين اليابانيين يموتون بسبب الإصابة بالأمراض الوبائية". والسبب الرئيسي لهذا هو قصور في فيزيولوجيا مناعة الجسم.مرتبط بتقدم العمر، أي أن المناعة الطبيعية تقل مع تقدم العمر. وفي معظم هذه الحالات" أي حالات ضعف المناعة" يقل أيضا مفعول المضادات الحيوية التي تستعمل لعلاج الأمراض الوبائية.

إن القصور في النظام المناعي للجسم والمرتبط بتقدم العمر يعود إلى أسباب عدة منها قصورة غدة التوتة Thymus في إفراز الخلايا التائية T-cells المعنية بالمناعة، وعدم تجديد النقي الأحمر red marrow وانخفاض في تركيز مركبات المناعة في الدم، وانخفاض في إفراز الأضداد antibodies ويجب التنبيه هنا بأن النظام المناعي للجسم هو أيضا من الأجهزة المنظمة للجسم "مثل الجهاز العصبي والنظام الغدي" لذا فإن إدراكنا للعلاقة بين هذه الأنظمة قد يساعد كثيرا في فهمنا للتغيرات التي تحدث للنظام المناعي مع تقدم السن.

إن علاقة نقص المناعة بالحالة التغذوية موثقة علميا اعتمادا على كثير من الدلائل المستنبطة من الدراسات السريرية والوبائية. فالمعروف أن سوء التغذية عند الأطفال يسبب نقص المناعة ضد الأمراض الوبائية، كما أن حالات نقص المناعة معروفة لدى كثير من المرضى الذين يعانون من حالات رضوح trauma أو كسور حادة كل هذه الحالات في نقصان المناعة يمكن معالجتها بتحسين الحالة التغذوية وبتوفير الإمداد التغذوي اللازم للتخلص من أعراض سوء أو نقص التغذية.

وقد توفرت في الحقبة الأخيرة بعض الدراسات عن تصحيح نقص التغذية وأثر ذلك على الجهاز المناعي للجسم عند المسنين. فزيادة كمية الكالوري وإعطاء الكميات الكافية من الفيتامينات والعناصر المعدنية الرئيسية والثانوية ساعد في اكتساب الحالة التغذوية السليمة وتحسن في الجهاز المناعي لدى مجموعة من المسنين. كما أن هنالك بعض الدراسات التي تدل على أن تحسن أداء الجهاز المناعي قد يزداد بتوفير عنصر واحد من العناصر الغذائية. فإمداد المسنين بفيتامين c وفيتامين E أو عنصر الزنك قد يؤدي إلى تحسين واضح في أداء الجهاز المناعي للجسم وخفض نسبة الوفيات عند المسنين.

وخلاصة الأمر ان العلاقة بين أداء الجهاز المناعي وتدني الحالة التغذوية قد أثبتت علميا، وأن إمداد المسنين بالتغذية السليمة يساعد كثيرا في تحسين أداء الجهاز المناعي عند المسنين. هذه الإثباتات لها دلائل واضحة في الممارسة الطبية وتخطيط برامج الصحة العامة للمسنين.

5- تأثر الجهاز الهيكلي عند المسنين:

يزداد حجم الكتلة الهيكلية بسرعة في السنة الأولى من العمر، وفي فترة النمو السريع في سنوات المراهقة. ويتساوى الجنسان في نمو الكتلة الهيكلية حتى سن المراهقة، وبعدها يزداد نمو الجهاز الهيكلي للذكور بشكل أكبر من نموه عند الإناث. ويستمر نمو العظام بعد المراهقة طوال الحقبة الثالثة من العمر، ويبدأ فقدان كتلة العظام في الحقبة الرابعة أو الخامسة من العمر. وعند النساء يزداد الفقد في كتلة العظام بعد توقف الحيض، ثم يقل فقدان الكتلة بعد ذلك تدريجيا. أما عند الرجال فيبدأ فقدان كتلة العظام بعد بلوغ ذروة حجم الكتلة العظمية PEEK BONE MASS تدريجيا، وتقل نسبة الفقدان عند الرجال مقارنة بالنساء على الأقل في الفترة التي تعقب انقطاع الحيض عند النساء.

إن ضمور الكتلة العظمية عند المسنين قد يكون بسبب عدم تكون الحجم الكافي للكتلة العظمية عند اكتمال نمو الجسم، أو لزيادة في فقدان مادة العظام بعد الوصول إلى قمة نمو الكتلة الهيكلية. فقد يختف أثر هذين العملين بين الأفراد، ولكن بالنسبة للمسنين بعد سن السبعين فإن تأثير هذين العاملين على فقدان الكتلة العظمية يصبح متساويا. وتكمن أهمية حجم الكتلة الهيكلية بالنسبة للممارسة الطبية السريرية في علاقة الأولى بازدياد نسبة الإصابة بالكسور والرضوح عند من يعانون من ضعف أو نقص في حجم الكتلة الهيكلية. ويرتبط فقدان كتلة العظام عند النساء بنقص إفراز الأستروجين بعد انقطاع الحيض، ونقص إفراز هرمون الأندروجين، ونقص امتصاص عنصر الكالسيوم مع تقدم السن. والمعلومات المتوفرة عن كتلة العظام عند الذكور أقل بكثير من المعلومات المتوفرة عنها عند الإناث. ويبدوأن من مسببات فقدان كتلة العظام عند الرجال العوامل المحيطية، مثل تناول الكحول والتبغ. والجدير بالذكر أن للعوامل الوراثية أثر مباشر لبلوغ قمة حجم الكتلة الهيكلية. ويرجع الاهتمام بدراسة الخواص والعوامل المؤثرة على الكتلة الهيكلية عند النساء أكثر من الذكور إلى تفشي مرض تخلخل العظام OSTEOPOROSIS عند النساء المسنات أكثر من أي مجموعةعمرية أخرى.

إن لزيادة نسبة تناول البروتينات والأغذية الغنية بعنصر الفوسفور أثر سلبي على حالة توازن عنصر الكالسيوم CALCIUM BALANCE في الجسم. وهنالك أثر موجب على توازن الكالسيوم عن طريق إمداد الجسم بالكمية الكافية من الكالسيوم.في الغذاء. وينبغي التنويه هنا بأن محاولات زيادة إمداد الجسم بالكالسيوم وحده لم تسفر عن أي آثار إيجابية في معالجة النساء المسنات المصابات بمرض تخلخل العظام. فهناك أكثر من عامل تغذوي يؤثر على ثبات حجم الكتلة الهيكلية 

 العناصر الغذائية الهامة المؤثرة على حجم الكتلة الهيكلية

ويبدو أن عنصر الكالسيوم على مدى عمر الأنثى، يقل تناوله عن حاجة جسم الأنثى له. وتحتاج الأنثى لزيادة الكالسيوم إما بواسطة العناصر الغذائية الغنية بالكالسيوم أو عن طريق أقراص الكالسيوم. وتزداد أهمية زيادة تناول الكالسيوم بالنسبة للأنثى المسنة لنقص امتصاص الكالسيوم بعد سن انقطاع الحيض. وتشير كل الدراسات الحديثة إلى أن الحد الأدنى الموصى به لتناول الكالسيوم "500 مليغرام في اليوم حسب منظمة الصحة العالمية، و 800 مليغرام في اليوم حسب المجلس القومي الأميركي للبحوث" أقل مما تحتاج الأنثى بعد انقطاع الحيض كذلك تشير الدراسات إلى أن الزيادة تناول البروتين وعنصر الفوسفور تؤثر على توازن الكالسيوم في جسم الإناث المسنات، وتؤثر أيضا على حجم الكتلة الهيكلية، وأن اختلفت طبيعية تأثير زيادة تناول البروتين عن زيادة تناول الفوسفور. كذلك هنالك بعض الدراسات التي تشير إلى الأثر السلبي بزيادة تناول الصوديوم على استقلاب الكالسيوم في الجسم. وتدل هذه المعلومات إلى أنه ينبغي على الإناث البالغات زيادة تناول الأغذية الغنية بالكالسيوم، وعدم تناول كميات كبيرة من البروتين والفوسفور والصوديوم. زيادة على ذلك فقد يكون من المفيد في السنوات اللاحقة من عمر الأنثى "بعد سن السبعين"، والتي يقل فيها تعرض المسنات لأشعة الشمس، تناول أقراص فيتامين D لتحسين امتصاص الكالسيوم واستعماله في الجسم وتجنب فقدان كميات مؤثرة من الكتلة العظيمة. أما في حالة الإصابة الجلية بمرض تخلخل العظام، فإن العلاج بواسطة هرمون الأستروجين هو الأكثر فعالية لمنع فقدان الكتلة العظيمة.

الاحتياجات الغذائية للمسنين:

إن المعلومات المتوافرة عن الاحتياجات الغذائية للمسنين محدودة، ومعظمها مبني على بعض الدراسات المحدودة أو قياسا بالمعلومات المتوفرة عن الاحتياجات الغذائية للبالغين. ومن المسلم به أن الاحتياجات الغذائية لمن هم في حقبة العمر من 50 إلى 70 عاما مختلفة عن الحاجات الغذائية لمن هم فوق السبعين عاما. واخترنا هنا أن نعرض الكميات التي أوصى بها المجلس القومي الأميركي للبحوث للعناصر الغذائية المختلفة لمن هم فوق 51 عاما، حسب اللائحة التي تم مراجعتها في عام 1989، وذلك لأنها أحدث المعلومات المتوفرة في شأن الاحتياجات الغذائية للمسنين.

الطاقة:

تعتمد احتياجات الطاقة على متطلبات عملية الاستقلاب الأساسية وعامل الحركة activity factor والتوليد الحراري thermogenesis. وتحسب احتياجات الطاقة عمليا على أساس ناتج حاصل ضرب عامل الحركة بحاجة الاستقلاب الأساسية. إن عامل الحركة لمن هم فوق الخمسين عاما هو 1.5 على أساس حركة خفيفة إلى متوسطة، والتي يجب تشجيع المسنين عليها. كما أنه من المسلم به أن الرقم الخاص بعامل الحركة لمن هم فوق السبعين عاما أقل من "1.5".

 احتياجات الطاقة اليومية للمسنين*

- مأخوذ عن recommended daily allowances 10th edition, Food and Nutrition Board, National Research Council - U.S.A., 1989.يرجع انخفاض حاجة الطاقة اليومية للمسنين إلى قلة الحركة بعد التقاعد وإلى انخفاض يوازي 3% في حاجة الاستقلاب الأساسية. ولقد وضعت منظمة الأغذية والزراعة ومنظمة الصحة العالمية توصية بخفض احتياج الطاقة اليومي للمسنين مقارنة بالبالغين على النحو التالي: 5% لمن هم بين 39 و 59 عاما، 10% لمن هم بين 60 و 69 عاما، وخفض 10% أخرى لمن تجاوز السبعين عاما. وبغض النظر عن كل التوصيات تبقى كمية الطاقة التي تحافظ على وزن الجسم أو تقود إلى وزن الجسم المرغوب فيه هي الكمية الأمثل للطاقة التي يجب أن يحرص على تناولها المسنين. ومن الأهمية بمكان التركيز على الحاجة إلى زيادة كمية الطاقة المتناولة يوميا للمسنين في حالة الأمراض المقرونة بالإجهاد stress مثل الإنتان sepsis والرضوح والكسور، أو عند إجراء العمليات الجراحية. كما يجب ملاحظة إمداد المسنين من نزلاء المستشفيات أو دور العجزة بكميات كافية من الطاقة حسب حالتهم الصحية أو السريرية. ويسبب الإخفاق في تناول المسنين لحاجتهم الكافية من الطاقة إخفاقا في تناول حاجتهم من عناصر غذائية أخرى، وكذلك ينتج عنه الشعور بالتعب fatigue والإنهاك lassitude والعزوف عن الحياة. وقد ينتج عن التعب والإنهاك قلة الحركة وما يتبعها من نقصان من احتياجات الطاقة، وبالتالي قد يؤدي تناول الكمية المعتادة من الطاقة إلى الإصابة بالسمنة.

إن العناصر الغذائية الرئيسية التي توفر الطاقة هي الدهون والكربوهيدات، وتنطبق التوصيات العامة بشأن هذين المقررين الغذائيين على المسنين. فالبنسبة للدهون ينبغي على المسنين زيادة تناول الدهون المتعددة غير المشبعة polyunsaturated والأحادية غير المشبعة monounsaturated الزيوت النباتية" على حساب الدهون المشبعة "الدهون الحيوانية"، ولكن يجب أن تقل كمية الكالوري المتناولة من الدهون عن حاجة الطاقة الكلية. كذلك يجب أن يتحول تناول المسنين للكربوهيدرات من السكريات والنشويات المنقاة إلى النشويات المعقدة "الحبوب" بدون إزالة القشر، والبقوليات، والخضار والفاكهة".

البروتين:

كان الاعتقاد السائد أن حاجة المسنين اليومية للبروتين أقل من حاجة البالغين نسبة لانخفاض كمية البروتينات في الجسم مع ضمور العضلات الملازم لتقدم العمر. غير أن نتائج الدراسات الحديثة تشير إلى أن حاجة المسنين اليوميةللبروتينات التي تؤدي إلى الوصول إلى التوازن النيتروجيني ربما تكون أكثر من حاجة البالغين. والمعروف أن انخفاض حجم العضلات عند المسنين ناتج عن تغييرات في دورة بروتينات protein turnover وتخليق البروتين Protein synthesis في الجسم. فدورة بروتينات العضلات في جسم البالغين توازي 30% من دورة البروتينات لكل الجسم، وتنخفض هذه النسبة إلى 20% عند المسنين. كذلك فإن بروتين الألبومين يقل إنتاجه وتركيزه في الدم عند المسنين الذين يتناولون كميات كافية من البروتين، كما أنه من المعروف أن مقدرة الكلى على إفراز البروتين تقل مع تقدم العمر، وقد تصل عند من تتجاوز أعمارهم ثمانين عاما إلى نصف أو ثلث مقدرة الكلى على إفراز البروتين عند من هم أقل من ثلاثين عاما. وبالمقابل تقل مقدرة جسم المسنين على امتصاص واستقلاب البروتينات، مما قد يشير إلى زيادة حاجة البروتين عند المسنين. ويبين الجدول 4 نسبة كمية البروتين المتناول في اليوم، وقد وضعت على أساس أن احتياجات البروتين عند المسنين لا تختلف عن احتياجات من يصغرهم عمرا، ولكن بالنسبة للاختلاف في تكوين الجسم "حجم العضلات أقل عند المسنين" فإن هذه الكمية إذا ما حسبت على أساس كتلة العضلات تكون أعلى عند المسنين مقارنة بالبالغين وذلك لتعويض النقص في امتصاص واستقلاب البروتين عند المسنين.

الفيتامينات والمعادن:

لم تثر الاحتياجات اليومية للمسنين من الفيتامينات والمعادن اهتمام الباحثين إلا حديثا ويبين الجدول 4 الاحتياجات اليومية للمسنين، والموصى بها من قبل المجلس القومي للبحوث الأميركي حسب الطبعة المراجعة عام 1989 ويلاحظ من الجدول أن هنالك أربعة عناصر غذائية تقل إليها حاجة المسنين "أكثر من 51 عاما" مقارنة بمن يصغرهم سنا "25 - 50 عاما" وهذه العناصر الغذائية الأربعة هي الثيامين، والريبوفلافين، والنياسين والحديد "للإناث". وبالنسبة للفيتامينات الثلاية "ثيامين، ريبوفلافين، نياسين" فقد استندت التوصيات الخاصة بتقليل الكميات المتناولة يوميا للمسنين مقارنة بالشباب، على افتراضات نظرية في الغالب، وعلى انخفاض الحاجة اليومية للطاقة عند المسنين. ومن المعروف أن هذه الفيتامينات الثلاثة تعلب دورا أساسيا "كتميمات إنظيمية" في استقلاب الطاقة الأساسي. وهنالك حاجة للمزيد من الدراسات لدعم التوصية الخاصة بهذه الفيتامينات الثلاثة. وبالفعلفقد ظهرت دراستان بعد وضع هذه التوصيات تدلان إلى أن الكمية اليومية التي يحتاجها المسنون لفيتامين ريبوفلافين هي نفس الكمية التي يحتاجها البالغون، وهذا يتنافي مع توصية المجلس القومي الأميركي للبحوث "1989" في شأن الريبوفلافين. أما التوصية الخاصة بانخفاض حاجة الإناث المسنات بالنسبة لعنصر الحديد "10 مليغرام في اليومة مقارنة بـ 15 مليغرام في اليوم لغير المسنات" فلا خلاف عليها، حيث بنيت التوصية على أساس انقطاع الحيض عند النساء المسنات. إضافة إلى هذه العناصر الغذائية الغذائية الأربعة، هنالك دلائل تشير إلى اختلاف حاجة المسنين عن حاجة البالغين إلى بعض الفيتامينات والمعادن.

 الاحتياجات الغذائية اليومية للمسنين مقارنة بالبالغينفيتامين A. هنالك من الدلائل ما يشير إلى انخفاض حاجة المسنين "65- 75 عاما" لهذا الفيتامين مقارنة بمن هم دون الخمسين عاما. حيث وجد أن تصفية clearance فيتامين A، يمكن أن نخلص من المعلومات المتوفرة حاليا إلى عدم حاجة المسنين لتناول عناصر غذائية مدعومة بفيتامين A، ولكن ينبغي الحرص على تناول كميات وافية من المواد الغذائية الغنية بهذا الفيتامين.

فيتامين D: لقد وثقت كثيرمن الدراسات حقيقة أن تركيز الشكل الفعال لفيتامين D، وهو فيتامين D3 c منخفض في سوائل أجسام المسنين مقارنة بالشباب. قد يعود هذا الانخفاض في تركيز فيتامين D عند المسنين إلى قلة تناول الأغذية الغنية به، مثل منتجات الألبان والأسماك المحتوية على كميات عالية من الدهون "والتي يكثر أيضا فيها العظام الصغيرة". غير أن هنالك ما يدل على أن تقدم السن يقود إلى تغييرات استقلابية خاصة بفيتامين D مثل انحسار في المقدرة على تكوين طليعة precursor الفيتامين D في الجلد بعد تعرض المسنين لضوء الشمس. ويعود هذا إلى أنه مع تقدم العمر تقل كميات مادة الكوليسترول منزوع الهيدروجينوالتي ينتج منها الجلد طليعة فيتامين D. وبما أن معظم حاجة الجسم من فيتامين D يتوفر من إنتاجه في الجلد، فإن نقصان إنتاج الفيتامين في جلد المسنين يوحي بضرورة زيادة تناولهم للمواد الغذائية أو المواد المدعمة بفيتامين D كذلك فإن توفير فيتامين D مهم للنساء المسنات لمنع زيادة فقدان كتلة العظام. وإذا أخذنا في الاعتبار قلة تعرض كثير من المسنين لضوء الشمس، فإن زيادة التناول اليومي لهذا الفيتامين يمكن أن تكون توصية مدعمة بكثير من الدلائل.

فيتامين B12: يزداد الاحتياج لفيتامين B12 عند المسنين المصابين بالتهاب المعدة الضموري atrophic gastritis الذي تكثر الإصابة به عند المسنين، وهو التهاب معدي مزمن يصاحبه ضمور في الغشاء المخاطي، وينتج عن هذا المرض قلة إفراز الحمض في المعدة. وفي الولايات المتحدة يصيب التهاب المعدة الضموري 25% من المسنين في حقبة العمر 60 و90 عاما، و 40% ممن تجاوزوا الثمانين عاما. وفي معظم حالات الإصابة بهذا المرض يستمر انتاج العاملالداخلي intrinsic factor لفيتامين B12 بصورة طبيعية. ويرجع انحسار امتصاص الفيتامين B12 إلى عدم توفره، وذلك بسبب عدم هضم الكوبالامين cobalamin وهو أحد مكونات الفيتامين B12، من بروتين الغذاء لقلة إفراز الحمض المعدي، وكذلك بسبب استنفاد الجراثيم لفيتامين B12 في الجزء الأعلى من الأمعاء الدقيقة وتزيد كميات الجراثيم في حالة الإصابة بهذا المرض في أسفل المعدة وأعلى الأمعاء الدقيقة بسبب قلة إفراز الحمض المعدي. وحيث أن العامل الداخلي يفرز بنسبة طبيعية عند معظم المصابين بمرض التهاب المعدة الضموري، فإن تناول كميات داعمة عن طريق الفم oral supplement من هذا الفيتامين قد يؤدي إلى تلافي نقص الفيتامين في مثل هذه الحالة، غير أن معظم المرضى يتلقون كمية داعمة من الفيتامين B12 عن طريق حقنة في العضلات. إن الاهتمام الشديد بفيتامين B12 عند المسنين يعود إلى أن نقص الفيتامين في الجسم لا ينعكس بانخفاض تركيزه في الدم، بل بزيادة في تركيز حمض هوموستئين homocysteine وميثيل مالونيت methylmalonate وقد وجد أن كثيرا من المسنين المصابين بأعراض الخرف dementia يعانون من نقص الفيتامين B12.

فيتامين E وفيتامين C: لقد سبقت الإشارة لهذين الفيتامينين وأهميتهما للمسنين في زيادة مناعة الجسم "فيتامين E" ودورهما كمضادين لعمليات الأكسدة في الجسم. ولقد بينا آنفا التغييرات التي تلازم هاتين العلمي ودورهما كمضادين لعمليات الأكسدة في الجسم. ولقد بينا آنفا التغييرات التي تلازم هاتين العمليتين مع تقدم السن. وليس هنالك معلومات تؤيد زيادة تناول المسنين لهذين الفيتامينين، وفي الوقت الحالي يمكن القول إنه يجب تأمين كميات كافية

المعادن:

 لقد أشير آنفا إلى الحاجة لزيادة التناول اليومي لعنصر الحديد للإناث المسنات، كما سبق الإشارة إلى أن زيادة تناول عنصر الكالسيوم ليس له أثر في الحيلولة دون فقدان المادة العظمية عند المسنين. ولقد لوحظ أن بعض أعراض الكبر مثل التأخرفي التئام الجروح، والتراجع في حدة المذاق، وفقدان الشهية، هي أيضا من أعراض فقدان عنصر الزنك في الجسم. كما لوحظ نقص امتصاص عنصر الزنك عند المسنين مقارنة بالشباب، ولكن توازن الزنك الكلي في الجسم لا يختلف عند المسنين مقارنة بالشباب، بسبب انحسار في فقدان الزنك من الجسم عند المسنين.الألياف الغذائية والسوائل:

يشكو معظم المسنين من الإمساك، ولذلك فإن زيادة تناول الألياف الغذائية ينبغي أن تكون من الممارسات الأساسية في تغذية المسنين. ويجب أن تتم هذه الزيادة تدريجيا بحيث لا تقود إلى إثارة القناة الهضمية وتكوين الغازات. كما أن المبالغة في تناول الألياف الغذائية قد يؤدي إلى إعاقة امتصاص عنصر الحديد وبعض العناصر المعدنية الأخرى.

ومع زيادة تناول الألياف الغذائية ينبغي أيضا زيادة تناول السوائل. فإضافة إلى دور السوائل في معالجة الإمساك، فالمسنون عادة يتعرضون إلى الإصابة بالجفاف والمعروف أن حجم الماء الكلي في الجسم ينقص مع تقدم العمر. ويعاني بعض المسنين من انحسار حاسة الشعور بالعطش، ولا يتناولون الماء لأوقات طويلة، كما يتجنب بعضهم شرب السوائل خوفا من الحرج الذي قد يسببه عدم مقدرتهم على التملك في تصريف البول، وخاصة في حالات تواجدهم خارج المنزل.

إن الجفاف قد يسبب التخليط العقلي mental confusion والصداع والهيوجية irritability فإذا اشتكى المسن من هذه الأعراض ينبغي زيادة تناوله للسوائل ويستحسن أن ينصح المسنون بتناول السوائل في أوقات معينة، حتى ولو لم يكن لديهم شعور بالعطش.

وفي بعض الحالات المرضية تزداد احتياجات الجسم للسوائل، ولا بد من تأمين كميات كافية منها لسد هذه الاحتياجات الزائدة. وتتميز كثير من هذه الحالات بأعراض مثل الحمى، والتقيؤ المستمر، والنزيف. وقد يقود العلاج بالمدرات البولية والإكثار من استعمال المسهلات وإمداد الجسم بالأملاح عن طريق الوريد إلى جفاف جسم المريض. كذلك من العوامل الفيزيولوجية التي قد تؤدي إلى جفاف الجسم عدم مقدرة المسنين على الاحتفاظ بالسوائل نتيجة لتراجع في مقدرة الكلى عندهم على تركيز البول.

من ناحية أخرى نجد عند بعض المسنين احتفاظ أجسامهم بمزيد من السوائل، وتعود مثل هذه الحالات إلى عدم مقدرة الكلى على تصريف السوائل من الجسم، أو إلى قصور القلب الاحتقاني congestive heart failure، أو انخفاض معدل تركيز بروتين الألبومين في الجسم، أو زيادة في إفراز الهرمون المضاد للإبالة ADH" antidiuretic hormone" ويزيد إفراز هذا الهرمون عند كثير من المسنين.المصابين بأمراض الجهاز التنفسي أو الجهاز العصبي، وقد تؤدي في سوائل الجسم hyponatremia مما قد يؤدي إلى نوبات الصرع.

يجب مراقبة توازن السوائل في أجسام المسنين الذين يعالجون في المستشفيات بانتظام. فالاحتفاظ بسجل عن تناول وفقدان هؤلاء المسنين للسوائل قد لا يكون عمليا لمراقبة توازن السوائل. والطريقة الأمثل هي أخذ أوزان المرضى المسنين على فترات منتظمة وغير متباعدة، وفي هذه الحالات فإن التغيرات السريعة في وزن الجسم يكون مرجعها فقدان السوائل أو زيادة احتفاظ الجسم بها. ويجب أن يكون الكشف الدوري عن علامات الوذمة edema روتينيا لدى نزلاء المستشفيات من المسنين، وتزداد أهمية هذا الكشف عند ارتفاع درجة حرارة الجو في فترات الصيف.


المصادر 
كتاب الغذاء والتغذية
reaction:

تعليقات

تعليق واحد
إرسال تعليق

إرسال تعليق