القائمة الرئيسية

الصفحات

تغذية الحامل والمرضع

تغذية الحامل والمرضع

أهمية تغذية وصحة الحامل والمرضع وعلاقتهما بصحة الطفل:


يستحسن أن تبدأ الرعاية الصحية والغذائية في فترة مبكرة قبل الحمل، وأن يتم إعداد الفتيات للحياة الأسرية المقبلة بالاستفادة من برامج الرعاية الصحية والغذائية للمراهقين. وبعد حدوث الحمل تكون الرعاية السابقة للولادة ذات أهمية بالنسبة لصحة الأم وللتطور السوي للجنين.



والاهتمام برعاية الأمهات- الحوامل والمرضعات- صحيا وغذائيا يؤدي إلى تنشئة أطفال أصحاء- ويحافظ على صحة الأمهات وقدرتهن في التغلب على المشكلات الصحية المحتمل حدوثها، خاصة في فترة الحمل، مع العلم بأن فترة الحمل هي من أحرج الفترات التي تمر بها المرأة، في حين تعتبر فترة الرضاعة أقل حرجا، وذلك بسبب متطلبات نمو الجنين. وبسبب التغيرات التي تحدث لجسم الأم، وكلاهما يتطلب زيادة المواد الغذائية في هذه الفترة



يعاني كثير من الحوامل والمرضعات من سوء التغذية نتيجة اتباعهن نظاما غير صحيح في التغذية، ونتيجة للحمل المتقارب وقصر الفترات الفاصلة بين حمل وآخر، مملا لا يتيح لهن الفرصة لإدرار اللبن "الحليب" الكافي لإرضاع أطفالهن. ولقد أثبتت التجارب العلمية أن التغذية الجيدة للأم قبل وأثناء فترة الحمل تقلل من حدوث الإجهاضات



والولادات المبكرة، ومشكلات وأمراض الحمل، وأمراض الأطفال المولودين حديثا، وأن سوء التغذية الشديد قد ينتج عنه نقص في وزن الطفل المولود عن متوسط الوزن لأمثاله، وقد يولد الطفل بمخزون أقل من المعادن كالحديد مثلا والفيتامينات، مما يعرض حياته للخطر.



لقد لاحظ هونورا عام 1949 بوجود علاقة وطيدة بين غذاء الأم الحامل ووزن الوليد، وجاء بعده العالم الإنكليزي إدوارد فتمكن من كشف الدور الذي تلعبه التغذية المتوازنة في حماية الأم من مضاعفات الحمل. وفي جنوب الولايات المتحدة الأميركية جاءت المشاهدات التي أكدت العلاقة بين سوء تغذية الأمل الحامل وبين زيادة معدلات مراضة morbidity ووفيات mortality كل من الأجنة والأمهات. وفي بوسطن أوضحت البحوث فائدة أثر الغذاء الغني بالبروتين- protein rich diet والفيتامين في معدلات حدوث الارتعاج eclampsia وفي عام 1930 تمكن العلماء في النروج من إنقاص معدلات انخفاض وزن الوليد عن طريق العناية التغذوية، ولقد لخص العلماء نتائج أبحاثهم بقولهم إن الطفل يبلغ عند الولادة تسعة أشهر من العمر من الناحية الغذائية.


وفي بوسطن أجرى بيرك وزملاؤه دراسة حول الغذاء الذي تتناوله الحوامل، وتصنيفه وموازنته بالغذاء المعياري الذي يوصي بتناوله، ثم قورنت هذه الأصناف الغذائية بحصيلة الحمل لكل منها، وكانت النتيجة أن معظم الأطفال الأسوياء ولدوا لنساء كن يتناولن غذاء متوازنا، بينما كانت حالات الإملاص stillbirth أو الخداج "الولادات المبتسرة" Premature أو حالات نقص النضج الوظيفي أو المصابين بتشوهات ولادية سائدة بين أطفال النساء اللواتي تناولن غذاء غير متوازن أثناء الحمل.


كما أن الأبحاث التي نشرها بروور Brewer منذ أوائل الستينات حتى الآن تعطي الدليل على ضرورة اتباع برنامج فعال في توفير غذاء جيد يحتوي على مقادير ملائمة من البروتين ذي القيمة البيولوجية العالية لأغراض بناء الأنسجة، وعلى مقادير كافية من الطاقة بحيث لا يحصل تقويض في البروتين. فقد جاءت هذه الأبحاث لتؤكد أن مثل هذا البرنامج سوف يقلل بشكل جذري وملحوظ من معدلات مراضة الأطفال والأمهات، ويقلص معدلات نقص الوزن عند الولدان فإذا أعطيت الأمهات غذاء مناسبا يكفي لكي تكتسب الأم زيادة معقولة في وزنها أثناء الحمل، فإن عدد الأطفال الذين يولدون بوزن ناقص سوف يتناقص إلى درجة كبيرة وقد توصل بروور في دراسته على 1500 حالة من المناطق الفقيرة إلى إنقاص عدد الأطفال ناقصي الوزن عند الولادة "2050 غراما" إلى 2.2 % من مجموع الولادات، وذلك بإعطاء الحوامل إضافات غذائية ملائمة أثناء الحمل. ولقد انخفض معدل الولادة المبتسرة "الخداج" إلى 15% بين الأمهات الحوامل في سن 14 - 16سنة، وهذا المعدل منخفض بالقياس إلى المعدلات الشائعة على صعيد الولايات المتحدة الأميركية، حيث تبلغ معدلات ولادات الأطفال ناقصي الوزن 8.2% ومعدلات الولادات المبتسرة 15% إن التغذية لا تعني كثرة الطعام بل نوعيته. وأهم ما يجب مراعاته هو الكمية الكافية من المكونات الغذائية الرئيسية مثل البروتينات والفيتامينات والكربوهيدرات والدهن إلخ. ومن الملاحظ انخفاض معدلات سوء التغذية في كثير من البلدان النامية وذلك مع تقدم المستويات المعيشية عامة، ولكن ما زلنا نرى آثار سوء التغذية النوعية، بسبب الجهل بأنواع الطعام اللازمة للحامل، أو بسبب اتباع نظام غذائي قاس في بعض المجتمعات وذلك حفاظا على الوزن الشمالي للجسم.


وقد أجرى بعض العلماء  تجربة على مجموعتين من النساء الحوامل، القسم الأول يتناولن غذاء غير متوازن من ناحية احتوائه على عناصر الغذاء الضرورية، والقسم الثاني يتناولن الغذاء المتوازن من حيث احتوائه على بروتينات وفيتامينات وأملاح معدنية وكمية كافية من الكالوري.

وكانت النتائج:




لقد كان وزن مواليد الفئة الثانية أكثر، وكانت مؤشرات الصحة العامة لديهم وخاصة خلال الشهر الأول من العمر أفضلن كما كانت نسبة الإصابة بالأمراض المعدية والإسهالات والتهابات الرئة في الأشهر الستة الأولى أقل بكثير من مواليد الفئة الأولى. كما أنه تبين أن النقص في الغذاء عند الفئة الأولى قد يسبب بعض التأخر العقلي لدى أطفالهن في المستقبل.


وبالنسبة للأم المرضع فقد وضع لها أيضا توصيات غذائية قد تفوق التوصيات بالنسبة للأم الحامل في بعض العناصر، مع التركيز على أطعمة الوقاية، وزيادة السوائل، حيث تطرح كمية من الماء في اللبن المفرز يوميا إضافة إلى 1- 2 لتر من الإفرازات الطبيعية من الجسم. وفي تجربة عن تقدير قيمة التغذية بأطعمة الوقاية على الرضاعة الطبيعية للأم في كندا، وجد أنه عند إضافة اللبن والبيض والجبن والبرتقال والطماطم وفيتامين D والقمح إلى غذاء الأم المرضع خلال الأسابيع الستة الأولى من الرضاعة فقطن ظل تأثير التغذية واضحا على صحة الطفل حتى الشهر السادس من العمر، كما تابع 39% من الأمهات اللواتي تناولن هذه الإضافات الرضاعة الطبيعية بالموازنة مع 24% فقط ممن لم يتناولن أي إضافات. كما أن الأطفال كانوا أكثر صحة وأثقل في الوزن من أطفال المجموعة الثانية. ولما كان.نمو المخ عند الرضيع يكتمل في هذه الفترة من العمر، فإن تغذية الأم أثناء فترة الرضاعة ذات أهمية لا تقل عن أهمية فترة الحمل.

وهناك دلائل علمية تشير على أن تحسين تغذية الأم أثناء فترة الحمل لها أثر فعال على صحة الأم والطفل والرضع بعد الولادة، وبالتالي على المجتمع ككل. لقد وجد أن التغذية الجيدة بأطعمة الوقاية تقلل من معدل وفيات الأمهات والرضع في الشهور الأولى من العمر، وهذه النتائج صحيحة دائما سواء كانت الدراسة تتم في بيئات فقيرة اقتصاديا أو على مستوى اقتصادي فوق المتوسط.


من الواضح أن غذاء الحامل والمرضع يكتسب أهمية كبرى بالنسبة لكل من الطفل وأمه، ومن هنا كان لا بد أن تعطى عناية كبرى للتغذية أثناء فترتي الحمل والإرضاع، حتى لا تكون الوجبة الغذائية عاملا سلبيا على صحة الأم. وهنالك توصيات بزيادة المكونات الغذائية للمرأة الحامل والمرضع خلال فترتي الحمل والإرضاع، وذلك بتناول غذاء متوازن يحوي جميع المكونات الغذائية اللازمة للاحتفاظ بالصحة، وولادة طل موفور الصحة، وتكوين اللبن الكافي لرعايته، علما بأن الطفل الرضيع يعتمد بشكل مباشر على الغذاء الذي تتناوله أمه.



بعض العوامل الاجتماعية والصحية المؤثرة في تغذية الحامل والمرضع:


تعد فترة الحمل من أشد الحالات الفيزيولوجية تأثيرا على الجسم، لذا تحتاج الأم الحامل إلى مقادير إضافية من العناصر الغذائية للمحافظة على صحة الجنين، وبناء أنسجة المشيمة، وما يصحب ذلك من زيادة وزن الجسم وتسبب التغذية السيئة قبل وأثناء الحمل ضعفا في نمو الجنين داخل الرحمن بالإضافة إلى ضعف قدرة الأم على تخزين الدهون الكافية لإنتاج اللبن الكافي لتغذية المولود. وبالعكس في حالة الأم الحامل حسنة التغذية حيث تكون كمية الدهن المخزون في جسمها حوالي 4 كيلو غرامات وهذا يعادل مخزون 35000 كيلو كالوري، وهو يكفي للرضاعة لمدة اربعة أشهر بمعدل 300 كيلو كالوري يوميا تقريبا.


وهناك بعض العوامل الاجتماعية والصحية لها أثر فعال في تغذية الأم الحامل والمرضع منها:


  1.  العمر وإنجابية الأم:إن المرأة في العقد الثاني تؤمن متطلبات الحمل من احتياجاتها الاحتياطية لأغرضا النمو، ومن الجهة الأخرى فإن أخطار الحمل تتعاظم مع التقدم في العمر، ومع ازدياد عدد الولادات، ومع الفترات بين الولادات. كل هذه العوامل تؤثر على احتياجات الأم الحامل وبالتالي على حصيلة الحمل.وقد أجريت العديد من الدراسات في الدول العربية التي بينت أن نسبة كبيرة من النساء يتزوجن في سن مبكرة، وقد تراوحت هذه النسبة ما بين 14- 50% من النساء اللواتي يتزوجن قبل السادسة عشر من العمر، وترجع خطورة الزواج المبكر إلى احتمال ولادة أطفال ناقصي الوزن، يكونون عرضة للإصابة بأمراض سوء التغذية والأمراض المعدية. ففي البحرين أوضحت إحدى الدراسات أن الأم صغيرة السن تكون أكثر استعدادا لولادة أطفال ناقصي الوزن، حيث تبين أن 11% من الأمهات اللاتي تتراوح أعمارهن ما بين 15- 19 سنة قد أنجبن أطفالا ناقصي الوزن "أقل من 2.5 كيلو غرام" بالموازنة مع 7% من الأمهات اللواتي كانت أعمارهن تتراوح ما بين 20- 39 سنة وفي الكويت وجدت ليلى الدوسري وزملاؤها أن 31.5% من الأطفال المصابين بالالتهابات الهضمية gastroenteritis كانوا ناقصي الوزن عند الولادة مقارنة بـ 11% و 17% عن بقية الأطفال. ومن العوامل الأخرى أن الأم التي تتزوج في سن مبكرة تكون في وضع يصعب معه تحمل الحمل والولادة إذ تكون في مرحلة النمو، وغير مكتملة النضج الفيزيولوجي، وتحتاج إلى كميات أكبر من العناصر الغذائية، مما يؤثر على صحة الجنين.
  2.  تعدد الأحمال وتقاربها:هذا العامل له أثر كبير في تغذية الأم الحامل والمرضع، ويؤدي إلى خفض نسبة الهيموغلوبين في الدم، ونفاد عنصر الحديد المخزون في الجسم، خاصة عندما لا تتناول الأم أغذية غنية بالحديد، أو لا تأخذ أقراص الحديد والفيتامينات، كما يؤدي أيضا إلى ولادة مولود ناقص الوزن "أقل من 2.5 كيلو غرام". وفي البحرين وجد مصيقر أن استعداد الأم لولادة الأطفال ناقصي الوزن يقل بزيادة الفترة.بين الولادات. فقد وجد أن نسبة الأطفال ناقصي الوزن 8% عندما تكون الفترة بين الولادتين 9- 12 شهرا، وتنخفض إلى 6% للفترة الأكثر من ذلك، والأحمال "تكرار الحمل" المتقاربة تؤثر على الأم الصحية والغذائية. وهناك طرق عديدة تتمكن الأمهات بواسطتها من مباعدة الحمول.
  3.  الأمية ونقص الوعي:أوضحت الدراسة التي قام بها مصيقر حول العادات الغذائية في البحرين أنه كلما ارتفع مستوى تعليم الأم ازداد تناولها للفواكه أثناء فترة الحمل. كما وجد أن الأم المتعلمة أكثر ميلا لتغيير نمط غذائها في فترة الحمل مقارنة مع الأم ذات المستوى التعليمي المتوسط. بالرغم من أن الأمية لا تعنى بالضرورة نقص الوعي الصحي والتغذوي، إلا أن هذين العاملين مرتبطان مع بعضهما في كثير من الحالات.وتشير الدراسة التي قامت بها زمراوي حول الحوامل والمرضعات اللواتي يترددن على مراكز صحة الأمومة والطفولة في مديرية الخرطوم / السودان، أنه توجد مشاكل صحية مثل الإصابة بالملاريا malaria. وفقر الدم anemia والطفيليات parasites عند 20% من أفراد العينة "120 امرأة حامل"، وأن حوالي 47% من العدد الكلي كن أميات ولا يعرفن المبادئ الأساسية للتغذية الصحية. وكان الوزن المكتسب أثناء فترة الحمل يتراوح ما بين 3.55- 4.50 كيلو غرامات "بينما في الدول المتقدمة يتراوح ما بين 9- 20 كيلو غراما. وفي الدول النامية ما بين 2.5 - 6 كيلو غرامات" وكان وزن الطفل عند الولادة يتراوح ما بين 1.75- 30.0 كيلو غراما، وأن الأمهات لا يتناولن الخضراوات واللبن والبيض، بكمية كافية. وقد أوضحت الدراسة أنه توجد عوامل متشابكة تؤثر على حالة الأمهات الغذائية مثل المستوى التعليمي والاقتصادي وأسعار الأطعمة. وقد ذكر 65% من العدد الكلي من الأمهات عدم مشاركتهن في اختيار الطعام وأن الأزواج يقومون بهذه المهمة وتعتقد الأمهات أن التغذية الجيدة وتناول ثلاث وجبات يوميا أو أكثر يساعد على زيادة حجم الجنين مما يجعل الولادة عسيرة.
  4.  الحالة الصحية للأم قبل الحمل:يستحسن أن تبدأ الرعاية الصحية والغذائية أثناء الفترة السابقة للحمل، وأن يتم إعداد الفتيات للحياة الأسرية في سياق الرعاية الصحية والغذائية للشباب، وبعدحدوث الحمل تصبح الرعاية السابقة للولادة على قد كبير من الأهمية لصحة الأم وللتطور السوي للجنين.يرافق المرأة خلال فترة الحمل جميع تجارب حياتها السابقة وتاريخها العائلي بما في ذلك عاداتها الغذائية، ويؤثر ذلك على تقبلها للطعام عند حدوث الحمل. وتختلف الاحتياجات الفردية للنساء حسب الظروف ومن وقت لآخر، فعلى الرغم من أن وظيفة الاستتباب homeostasis تكون فعالة أثناء الحمل، إلا أن ظروف الإرهاق والتوتر تستوجب متطلبات تزيد عن الاحتياجات الاعتيادية.
  5.  نقص الوزن underweight:إن أسباب النحافة قد تكون مرضية ناتجة عن عدم قدرة الجسم على استقلاب كميات كافية من الدهن، وقد تكون ناشئة عن الجوع وقلة الطعام، كما قد تكون ناشئة عن سوء اختيار الأطعمة وعدم توازن الوجبات. ويجب العناية بتغذية الأمهات الحوامل والمرضعات النحاف في الحالات غير المرضية ليتوفر للجسم احتياطي من النسيج الدهني يحميه من الصدمات ويمده بالطاقة الحرارية اللازمة خاصة في فترتي الحمل والإرضاع. لذلك يجب أن تتناول الحامل والمرضع ناقصتي الوزن كميات من الطعام تزيد على القدر الذي اعتادتا تناوله، مع التركيز على احتياجات العناصر الغذائية اللازم تناولها في فترة الحمل وتتجاوز في ذلك حدوث الشهية والشعور بالامتلاء والشبع. ومما يشجع على تناول الأطعمة ممارسة الرياضة البدنية، والتعرض للشمس، والاسترخاء قبل تناول الطعام وتجنب الإجهاد في العمل والانفعالات النفسية. وتنصح الأمهات النحاف بالإكثار من تناول الأطعمة الدهنية كالزبد والزيوت واللحوم الدسمة والبيض واللبن، وفي حالة اقتران النحافة بفقر الدم يجب علاج فقر الدم وتزويد الجسم بالحديد أو الأطعمة الغنية به، كالكبد والطحال واللحوم والسمسم والفواكه المجففة، ويمكن تنبيه وتقوية الشهية بتناول أقراص فيتامين B1 أو تناول الأطعمة الغنية بهذا الفيتامين. ويجب أن يكون غذاء المصابات بنقص الوزن غنيا بالبروتينات والكربوهيدرات والسكريات. والنمو يكون سريعا في فترات تكوين الجنين والرضاعة والطفولة المبكرة، لذا يجب على الأم الحامل والمرضع ناقصتي الوزن أن تتناولا وجبات متوازنة وبقدر أكثر من المعتاد مع التركيز على العناصر الغذائية اللازم تناولها بالمقادير الموصى بها في فترتي الحمل والإرضاع.إن اتباع نظام غذائي قاس حتى ولو فترة قصيرة يعتبر مضرا وخطيرا، إذ يؤديالامتناع عن الطعام مدة طويلة إلى حدوث حالة تعرف بتخلون الدم ketosis، وهي حالة تؤدي إلى حرمان المخ من الغلوكوز الذي يتغذى عليه. ويمكن لهذه الحالة أن تسبب تشوها خلقيا أو عيبا دائما في هضم السكريات، أو حدوث خلل دائم في مخ المولود. أما الحرمان من البروتينات فقد يؤدي إلى مواليد ناقصي الوزن والطول وصغيري الرأس، وغير مؤهلين للتحسن أو النمو، وبالنسبة لنقص الحديد خلال الحمل، فإنه يؤدي إلى نفاد الحديد من خلايا المخ عند الوليد، إذ لا يمكن للوليد أن يختزن الحديد الذي يحتاجه الجسم. وقد تم إثبات هذا على الحيوانات.
  6.  تعاطي الخمور:ومن العادات الضارة في فترة الحمل وخارجها تعاطي الخمور التي تؤدي إلى حرمان أنسجة المخ لدى الجنين في طور النمو من حاجتها من الغلوكوز وفيتامين B المركب، وهذا يؤدي إلى تلف دائم وتخلف عقلي وجسمي في الجنين. وهذه الحالة تعرف بالمتلازمة الكحولية الجنينيةfetal alcohol syndrome وتبلغ آثارها الضارة أوجها في أشهر الحمل الأولى قبل التأكد من الحمل. ومعدل حدوث هذه المتلازمة عالية في الولايات المتحدة، إذ تبلغ واحدا لكل 750 مولود، ومن الصعب جدًّا علاج هذه الحالة أو منع حدوثها ما لم تمتنع الأم عن تناول الكحول.
  7.  التدخين:يعتبر التدخين عادة ضارة تمارسها بعض الأمهات الحوامل، وهو يقلل الدم الواصل للجنين، ويحد من وصول العناصر الغذائية له، ويعيق إخراج الفضلات، ويقود إلى إيقاف النمو، مما يحتمل معه حدوث تخلف في النمو والتطور ويؤدي إلى مضاعفات عند الولادة.
  8.  ارتفاع ضغط الدم:قد يكون ارتفاع ضغط الدم أساسيا essential يتميز بزيادة ضغط الدم الانقباضي systolic والانبساطي diastolic والمتوسط median وينتج من تأثير زيادة مقاومة الشرايين وفروعها للدورة الدموية. وقد يكون ناشئا عن أمراض أخرى مثل التهابات الكلى، وازدياد نشاط الغدة الدرقية، وأورام المخ. ويجب على مريضات ارتفاع ضغط الدم، الحوامل والمرضعات، الامتناع عن تناول ملح الطعام والدهون والمشروبات الكحولية والشاي والقهوة، مع الإكثار من تناول الأطعمة الغنيةبالفيتامينات مثل الفواكه، ومراقبة ضغط الدم، والتقيد بإرشادات الطبيب.
  9.  مرض السكر:يتميز الداء السكري diabetes بارتفاع نسبة الغلوكوز في الدم والبول نتيجة لاختلال عملية استقلابه وتحوله إلى دهن وغليكوجين، بسبب نقص إفراز هرمون الأنسولين، وما يؤدي إليه ذلك من اختلال استقلاب البروتينات والدهون أيضا، فتظهر في البول والدم النواتج الوسيطية مثل حمض الأسيتوأسيتك والهيدروكسي بيوتريك، وقد تصاب بعض الأوعية الدموية بالتنكس وتظهر تبدلات مرضية عصبية ويعالج مرض السكر بالحقن بالأنسولين وباتباع نظام غذائي خاص بكل مريض تحدد فيه كمية ونوع الطعام.فالأمهات الحوامل والمرضعات اللواتي أصبن بهذا المرض عليهن اتباع التعليمات الطبية والغذائية والصحية، والإقلال من تناول المواد السكرية، مع الإكثار من تناول المواد الغنية بالمعادن والفيتامينات، كالخضراوات الورقية الخضراء واللحوم والطماطم والخيار والفلفل الأخضر والأحمر والبرتقال واليوسفي. الخ.ومن الملاحظ أن إفراز الأنسولين يزداد في حالة البدانة بالموازنة مع الظروف الطبيعية، وبرغم ذلك يظهر مرض السكر بكثرة بين الأشخاص البدينيين نتيجة مقاومة النسج الدهنية للهرمون.يكثر مرض السكر عند الحوامل البدينات، لذا يجب عليهن اتباع إرشادات الطبيب، مع المواظبة على مراقبة سكر الدم، وتقليل تناول الدهون في الوجبات، مع تقليل كمية الكالوري دون إخلال بتوازن الوجبة وحسن اختيار مكوناتها، علما بأنه من الضروري أن يقترن العلاج الدوائي مع اتباع نظام معين في التغذية يفي بالاحتياجات الغذائية كاملة للأم المصابة بهذا المرض في فترتي الحمل والإرضاع.
  10.  الاعتقادات الغذائية الخاطئة:من مشاكل التغذية الرئيسية ارتباط الشعوب في مختلف البلدان بعادات خاصة. ومن الأهمية بمكان أن تراعى العادات الغذائية والتقاليد الدينية عند التوصية بنظم معينة لتغذية الأفراد وخاصة الحوامل والمرضعات. وتوجد بعض الاعتقادات الغذائية المنتشرة في بعض البلاد العربية، والتي بدورها تؤثر على صحة الأم المرضع خاصة خلال فترة النفاس.... ومن هذه الاعتقادات عدم تناول الماء خلالالأيام الأولى بعد الولادة ظنا أن ذلك يساعد على توقف النزيف من الرحم، وهذا الاعتقاد ليس له أساس من الصحة.وهناك العديد من العادات والاعتقادات الاجتماعية الخاطئة التي تؤثر على إصابة الأم وأطفالها بسوء التغذية بالرغم من ارتفاع مستوى تعليم الأم. ومن هذه الاعتقادات الاعتقاد السائد أن أقراص الفيتامينات والأملاح المعدنية التي تعطى للأم الحامل في المراكز الصحية وعيادات رعاية الأمومة تسبب في كبر حجم الجنين، وبالتالي في عسر الولادة، مما يجعل بعض الأمهات يمتنعن عن تناول هذه الأقراص. وهذا بدوره يؤثر على تغذية الأم الحامل والجنين معا، ولا سيما إذا كانت نسبة عالية من الأمهات الحوامل في المنطقة يعانين من نقص في بعض الفيتامينات والأملاح المعدنية مثل عنصر الحديد. ومن نفس المنطلق تقوم بعض الأمهات بتقليل كمية الطعام المتناول في فترة الحمل اعتقادا بأن زيادة تناول الطعام في هذه الفترة يزيد من حجم الجنين ويؤدي إلى عسر الولادة.ويعلل البعض ميل الحامل إلى أنواع غير عادية من الأطعمة بالاختيار الفطري نتيجة نقص بعض العناصر من مكونات هذه الأطعمة في الجسم، والتي قد يؤدي نقصها إلى حدوث خلل أو عدم توازن في الاستقلاب. مثال لذلك الاشتياق إلى تناول المواد السكرية بكثرة في حالة انخفاض نسبة الغلوكوز في الدم. إلا أنه من الصعب تعليل دور العوامل الفطرية في عملية اختيار الطعام عند القبائل البدائية فبعض القبائل في كينيا تقتصر في غذائها على الخضراوات فقط، في حين تقتصر قبائل أخرى على اللبن واللحم والدم. ولو كان لهذا العامل الفطري دور فعال في اختيار الطعام لما كان هناك هذا العدد الهائل من أمراض نقص التغذية المنتشرة في كثير من دول العالم.إن بعض العادات الغذائية قد يرجع إلى أحداث وقعت في الماضي البعيد، وكان لها تأثير نفسي قوي أدى إلى كره الشخص إلى نوع معين من الطعام أو تفضيل بعض الأنواع الأخرى. كما أن عملية الإعلان سواء في التلفزيون أو الصحف والمجلات تلعب دورا هاما وخطرا في تكييف وتعديل العادات الغذائية، وقد يكون ذلك مفيدا وقد يكون ضارا.
  11.  الوحام:تتضاءل شهية بعض النساء الحوال في مستهل فترة الحمل، ويقل إقبالهن على الطعام، الأمر الذي يخشى منه إصابتهن بأعراض سوء التغذية، مما يؤثر على صحتهنوصحة الجنين. ويصاحب ذلك الشعور بالغثيان في الصباح morning sickness والذي يقتصر على الفترة الأولى من الحمل، وقد يترافق بالقيء، ويمكن التخلص من غثيان الحمل بالآتي:تناول كميت بسيطة ومتكررة من الطعام بمعنى أن يكون هناك وبشكل دائم بعض الطعام في المعدة فإذا استمر الغثيان يمكن أن تتناول الحامل بعض الطعام المالح الناشف قبل القيام من السرير بحوالي ربع ساعة في الصباح، مما يساعدها على تجنب الغثيان طوال اليوم، وخلال اليوم يمكنها تناول وجبات صغيرة منخفضة الدهن وفي فترات متباعدة "5-6 وجبات".يستحسن عدم تناول السوائل مع الوجبات.
  12. عليها أن تتناول السوائل "ماء، عصير، حليب" بين الوجبات لتغطية حاجة الجسم من الماء.تجنب المشروبات التي تحتوي على الكافيين والإقلاع عن التدخين.تجنب الروائح النفاذة والتي تؤدي إلى الشعور بالغثيان، مثل الطعام ذي الرائحة القوية، مع تهوية المطبخ.إن المسؤولية المترتبة على الأم الحامل والمرضع في تغذية جسمها وجسم وليدها تجعل من الواجب إمدادها بالغذاء الكافي لها ولوليدها معا، وإلا فإن كل تغذية يتلقاها الوليد إنما تكون على حساب صحة والدته وسلامة جسمها.

المصادر
كتاب الغذاء والتغذية

reaction:

تعليقات