تغذية المعوقين والمتأخرين في النمو
تتزايد أعداد الأطفال المعوقين والمتأخرين في النمو بشكل ملحوظ، لذا ازداد الاهتمام بهم من قبل العديد من الدول التي أصبحت تدعم برامج تأهيلهم وتقدم لهم العون . وقد أصبحت الحاجة ماسة لمعرفة جميع احتياجات المعوقين بما فيها التغذوية لتلبيتها، ولمساعدتهم في تصريف أمور حياتهم اليومية بما في ذلك تناول الطعام، والتخفيف من معاناتهم ومن العبء على الذين يقومون برعايتهم وبخاصة الأهل، إذ أن غالبية هؤلاء المعوقين يعيشون حياة أسرية مع باقي أفراد عائلاتهم، ونسبة ضئيلة فقط تعيش في المؤسسات والمراكز الخاصة.
والتعوق هو عدم المقدرة، وقد يكون مزمنا وشديدا ويحدث نتيجة عطل جسدي أو عقلي أو كليهما معا، ويظهر في أي مرحلة من الحياة قبل البلوغ، وغالبا ما يكون أبديا ويستمر طيلة العمر. وينتج عن التعوق قصور وظيفي في ثلاثة أو أكثر مما يلي: الأنشطة الحيوية الأساسية، العناية الذاتية، اللغة، التعلم، الحركة، التوجه الذاتي self direction، القدرة على الاستقلالية في العيش والدعم المادي الذاتي .
وتتباين القدرات عند المعوقين والمتخلفين في نموهم، وقد يكون التعوق شديدا بحيث تنعدم القدرة حتى على تحريك الرأس، أو يكون طفيفا بحيث يكون المعوق قادرا على التعلم وعلى خدمة نفسه وإعالتها وعلى الإنتاج. ويتبابين المعوقون فيما يتعلق بنشاطهم الحركي، فمنهم من تكون حركته معدومة ومنهم من يعاني من فرط النشاط hyperactivity. وتتراوح المهارات الحركية من انعدام المص والرضاع والسيطرة على الرأس عند البعض إلى التوافق والتناسق الحركي الجيد عند البعض الآخر. كما أن أنماط السلوك تتباين عند هذه الفئة، فمنهم من يعتريه الخمول وعدم الإكتراث ومنهم من يكون سلوكه هداما Disruptive behavior.
ونظرا لهذه الاختلافات الكبيرة في القدرات والمهارات الحركية وأنماط السلوك عند المعوقين، فإن الفروقات الفردية عالية جدًّا ويصعب التعميم فيما يتعلق بصحتهم وتغذيتهم، وغالبا ما تدعو الحاجة لن تؤخذ كل حالة على حدة.
أسباب التعوق:
إن أسباب التعوق والتأخر في النمو عديدة، وهي إما وراثية أو بيئية ناتجة عن ظروف نشأت أثناء الحمل أو الولادة أو في مرحلة الطفولة. وأحيانا يكون سبب تلك المشاكل غير معروف. ويمكن القول إن الأطفال المولودين بوزن قليل و/ أو بعيوب خلقية هم أكثر عرضة من غيرهم لأن يصبحوا معوقين . وعليه فإن تحسين الوضع التغذوي للحامل يمكن أن يلعب دورا في الوقاية من خطر التعوق. ومن المعلوم أن نسبة الوفيات بين الأطفال ذوي الأوزان القليلة أعلى منها للمواليد بوزن طبيعي، كذلك الأمر بالنسبة للتعوقات إذ تكون نسبتها أعلى عند المواليد بوزن قليل بالمقارنة مع السويين. أضف إلى ذلك بعض الحالات الخفيفة، مثل انخفاض التحصيل العلمي والذي يصعب الكشف عنه ليظهر متأخرا حين يصل الطفل إلى مرحلة الدراسة لذلك فإن تخفيض نسب المواليد بوزن قليل يقلل من مشاكل العيوب الولادية والتعوقات مما يخفف من معاناة الأطفال وذويهم، ويقلل من العبء المادي على الأسرة والمجتمع ككل.
العوامل التي تؤثر في الاحتياجات الغذائية للمعوقين والمتأخرين في النمو:
1- تركيب الجسم:
2- النمو والتطور:
وأسباب التخلف في النمو عديدة منها .
- خلل ولادي في أحد أجهزة الجسم مثل حصول تشوهات في الجهاز الهضمي أو البولي أو الدوراني مما يؤدي إلى سوء تغذية ثانوي.
- عيوب صبغية "جينية] Chromosomal defects، وخاصة مشكلة الزيغ الصبغي Chromosomal aberration. ومن المحتمل أن هذه العيوب تؤدي إلى تغير في المادة الوراثية أو في المسارات الاستقلابية للعناصر الغذائية، وهذا كله يمكن أن يؤثر على احتياجات الجسم من هذه العناصر. ومن المعلوم أن الأطفال الذين يعانون من متلازمة داون تكون أطوالهم دون المدى الطبيعي بسبب فشل في النمو الطبيعي للأرجل. كما يكون حجم الرأس صغيرا ونموه بطيئا جدًّا وقليلا عادة بعد السنة الثالثة من العمر، بحيث يصبح الحجم غير طبيعي عند الكبر، مما يتطلب وضع لوائح نمو خاصة بهؤلاء المرضى.
- حصول بعض الإنتانات قبل الولادة والتي تؤدي إلى خلل في الصبغيات مثل الحصبة الألمانية rubella والفيروسية المضخمة للخلايا وداء المقوسات toxoplasmosis.
- الأخطاء الاستقلابية وعلاقتها بالنمو معروفة مثل بيلة الفنيل الكيتونية.
- بعض الآفات في الجهاز العصبي المركزي تؤثر على النمو ويكون التغاير في النمو إما نتيجة خلل هرموني في الغدة الدرقية أو نقص في إفراز الغدة النخامية، أو يكون نتيجة خلل تغذوي يؤدي إلى فقدان الشهية وقلة تناول الطعام.
- وجود اعتلالات عصبية عضلية neuromuscular pathology، حيث أنه من المعروف أن النشاط الحركي وقوة العضلات ضروريان لنمو العظام بينما تؤدي قلة الحركة إلى توازن سلبي في النيتروجين والكالسيوم، أما الاعتلالات الحركية الفموية، فإنها تؤدي إلى عدم كميات كافية من الغذاء، أو تحدمن تناول أغذية معينة ضرورية، مما يؤدي إلى عدم استيفاء حاجة الجسم من الطاقة ومن العناصر الغذائية وإلى تخلف في النمو. ومن المشاكل الحركية الفموية تلك المتعلقة بالمص والبلع ودسر "دفع" اللسان tongue thrust وانعدام توافق حركته مع منعكس العضة المتواترة tonic bite reflex وتبعيد "انكماش" الشقة lip retraction ونقص التوتر hypotonia في عضلات اللسان والشفتين. وهناك ارتباط وثيق بين هذه المشاكل والتخلف في النمو. وقد وجد أن أطوال وأوزان مرضى الشلل الدماغي الذين يعانون من مشكلتين أو أكثر من المشاكل الحركية الفموية كانت أقل من الذين لا يعانون منها
3- تناول الأدوية:
يتناول العديد من المعوقين أنواعا مختلفة من الأدوية منها ما يؤثر على الشهية ومنها ما يؤثر على الاستفادة من بعض العناصر الغذائية، كأن تقلل من امتصاص تلك العناصر أو تغير من مساراتها الاستقلابية فتزيد من حاجة الجسم لها. وتؤثر بعض الأدوية على الفم فتحد من تناول الطعام.
وتؤدي بعض الأدوية المستعملة في معالجة فرط الحراك hyperkinesia إلى انخفاض لا انعكاسي في النمو يدوم حتى بعد توقف العلاج. ويبدو أن هذه الأدوية تقلل من تناول الطعام إما بشكل مباشر أو لأنها تسبب النعاس أو الهيوجية irritability مثل كبريتات دكستروأمفيتامينdextroamphetamine sulfate . أما الأدوية المضادة للاختلاج anticonvulsants التي تعطى للسيطرة على النوبات مثل فنوباربيتال phenobarbital وفينتوين وبريمديون primidone فإنها تعيق انتقال الكالسيوم وتؤدي إلى اضطرابات في استقلاب العظام وتزيد من احتياجات الجسم من فيتامين D وحمض الفوليك. وقد حصلت حالات عوز لفيتامين D عند مرضى كانوا قد عولجوا بهذه المضادات لمدة ستة أشهر فأكثر، كما سجلت حالات رخد ولين العظام. وتزداد شدة الإصابات هذه بزيادة مدة العلاج. وقد لوحظ أن هذه الأدوية تخفض من مستوى فيتامين D أحادي الهيدروكسيل 2.5-oh-D في الدم بينما لا تؤثر على مستوى فيتامين D ثنائي الهيدروكسيل 1.25- di- oh-d كما لوحظ أيضا انخفاض في تركيز الكالسيوم والفوسفور في الدم وارتفاع في تركيز الفوسفات القلوي alkaline phosphate وهرمون الغدة النخامية pituitary hormone. ويبدو أن هذه الأدوية لا تعيق امتصاص فيتامين D ولكن تعمل على زيادة تقويضه وطرحه بواسطةأملاح المرارة أو طرح نواتجه النشطة. وإعطاء المريض مجموعة من هذه الأدوية يؤثر بشكل كبير على مستويات الكالسيوم وفيتامين D في الجسم .
وينتشر الرخد rickets بكثرة عند المعوقين عديمي الحركة والذين لا يتعرضون لأشعة الشمس ويتعاطون مجموعة من مضادات الاختلاج. ومع أن بعض الأطفال ممن يتناولون هذه الأدوية لا تظهر عندهم أعراض سريرية أو بيوكيميائية للرخد ولين العظام، إلا أن معظمهم يعانون من ارتباك في استقلاب المعادن كانخفاض في مستوى فيتامين D أحادي الهيدروسكيل وفي كتلة العظام. وتتباين كمية فيتامين D الللازمة لمنع النقص والوقاية من الرخد ولين العظام للذين يتناولون هذا النوع من الأدوية، حسب عددها ومقدار الجرعة ومدة العلاج والنمط الحركي ومدى التعرض للشمس وعمر الطفل. وقد استخدم الارتفاع في مستوى الفوسفاتاز القلوي Alkaline phosphatase كمؤشر للين العظام، إلا أن هذا المؤشر يدل على أيضا على عملية ابتناء العظام عند الأطفال
وتؤدي مضادات الاختلاج أيضا إلى نقص في الفولات في كريات الدم الحمراء والحبل الشوكي، وإلى فقر الدم الضخم الأرومات megaloblastic anemia عند مرضى الصرع epilepsy، وقد عزى ذلك لسوء امتصاص الفولات بسبب التغير في درجة الباهاء epilepsy، وقد عزى ذلك لسوء امتصاص الفولات بسبب التغير في درجة الباهاء في تجويف الأمعاء "اللمعة lumen" بفعل الأدوية أو بسبب إعاقة عملية تحلل الفولات عديدة الغلوتامات إلى أحادية الغلوتامات القابلة للامتصاص، أو نفاد الفولات بسبب استهلاكها كعامل مساعد في عملية استقلالية نتيجة تحريض الدواء لإنزيمات معينة في الكبد، أي أن الأدوية تزيد من أنشطة مسارات استقلابية تتطلب الفولات. وتجدر الإشارة أن مستوى الفولات لم يتأثر عند الأشخاص الذين كانت تغذيتهم كافية .
بعض المشكلات المرتبطة بتغذية وإطعام المعوقين والمتأخرين في النمو:
احتياجات المعوقين من الطاقة:
تغذية المعوقين:
العوامل المؤثرة على تناول الطعام عند المعوقين:
أ- مستوى التطور:
ب- وجود شذوذ في الحركة الفموية وفي التوتر العضلي:
ج- وجود مشكلات سنية:
د- السلوك:
هـ- الإمساك:
و الشهية:
ز- توقعات الأهل:
التدبير الغذائي وطرق إطعام المعوقين:
ويفيد وضع الأهداف التالية والتي تنطبق على كثير من المعوقين في:
- - الوقاية من سوء التغذية أو السمنة.
- - تحسين نمو المعوق وتحسين وضعه التغذوي.
- - تشجيع التلقيم الذاتي والتقدم فيه.
- - تطوير مهارات الإطعام.
- التخلص من المشكلات التي تؤثر على تناول الطعام أو الشهية أو كليهما. وقد يشمل ذلك:
- - التركيز على نظافة ومعالجة أي مشكلات سنية.
- - معالجة فقد الشهية "إن كان يعاني منها المعوق"، كأن يتم إعداد وجبات صغيرة وكثيرة بحيث تحتوي على أطعمة مرغوبة ومقبلات. أما إذا كان فقد الشهية بسبب تناول الأدوية، فيمكن تخفيف تأثيرها بإعطاء الوجبة إما قبل تناول العلاج أو عندما تكون درجة مفعوله أقل ما يمكن.
- - التصحيح والوقاية من الاضطرابات الغذائية الناتجة عن تناول الأدوية. وقد يتطلب ذلك إجراء فحوصات سريرية وبيوكيميائية للكشف عن النقص دون السريري و / أو إعطاء بعض الإضافات الغذائية.
- إجلاس الطفل عند تناول الطعام:يجب الانتباه إلى الوضع الصحيح الذي يجب أن يكون عليه المعوق عند إطعامه، ويشمل ذلك وضع الرأس والجسم والحوض والأطراف، فالوضع الصحيح يمكن أن يخفف من بعض الحركات الشاذة وأن يزيد من القدرة على السيطرة على حركات الفم. لذلك يجب أن يكون الطفل مرتاحا في جلوسه وأن يكون وضع الحوض بدرجة قائمة مع الجسم "كما هو الحال في الوضع الطبيعي فوق كرسي مناسب" وأن ترتكز الرجلان على الأرض ويجب منع الرأس من الاندفاع إلى الخلف أثناء تناول الطعام أو ما يعرف بـ "إطعام الطير" لأن هذا الوضع يشجع على الطريقة الطفولية للإطعام، إضافة إلى أنه لا يسمح بالسيطرة الطبيعية على اللسان وعملية البلع، وقد يؤدي إلى شفط الرئتين للطعام وحصول شرق choking، لذلك يجب أن يكون الرأس منتصبا أو مائلا قليلا "حوالي 5- 10 درجات فقط. ويمكن منع اندفاع الرأس إلى الخلف بوضع الطفل في حضن الشخص الذي سيطعمه بحيث يكون مواجها لهوإسناد رأسه من الخلف كما هو مبين في الشكل . أما الطفل الأكبر سنا فيتم تجليسه على الحضن بحيث تكون رجلاه متباعدتين ويمكن وضع حاجز بينهما . وهذا الوضع يمنع المعوق الذي يعاني من حركات شاذة من إطباق رجليه. ويمكن استخدام مساند جانبية أو مسند خلفي أو حزام لتثبيت الطفل ومنع وقوعه. ويجب عدم استعمال اليدين في إسناد الرأس ما أمكن لاستعمالهما في السيطرة على حركة الفكين والشفتين أثناء الإطعام
تعليقات
إرسال تعليق